لم يعد العنف الزوجي في تونس مجرد صفعة أو كسر ضلع في لحظة غضب، بل تحوّل في بعض الحالات إلى جرائم وحشية تُنفذ داخل المنزل باسم الغضب أو السيطرة أو حتى الوهم. آخر فصول هذا الانحدار الاجتماعي شهدته معتمدية كسرى من ولاية سليانة، حيث أقدم زوج في العقد الرابع من عمره على محاولة فقء عين زوجته اليمنى بأصبعه، في واقعة صادمة.
النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بسليانة أذنت مساء الثلاثاء 8 جويلية، بفتح بحث تحقيقي ضد المتهم بتهمة “الاعتداء بالعنف الشديد على القرين الناجم عنه سقوط”. وتفيد المعطيات بأن الضحية، وهي شابة من مواليد 2004، تقيم حاليًا بالمستشفى بعد أن خضعت لعملية جراحية، في محاولة لإنقاذ بصرها المهدد بشكل جدي.
وبحسب الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية، فقد نشب خلاف عادي بين الزوجين، قبل أن يتحوّل إلى اعتداء دموي تمثل في غرس أصبع الزوج في عين زوجته، ما أسفر عن إصابة خطيرة استوجبت إقامة طبية لمدة 7 أيام وشهادة راحة بـ30 يومًا.
اللافت في الحادثة، أن المعتدي لاذ بالفرار بعد ارتكابه للجريمة، قبل أن يتم القبض عليه لاحقًا من قبل فرقة مناهضة العنف ضد المرأة والطفل بسليانة.
هذه الحادثة تأتي بعد أسابيع قليلة من جريمة أبشع وأشد هولًا في منطقة السبيخة بالقيروان، حين أقدم زوج على اقتلاع عيني زوجته باستخدام شوكة طعام، في محاولة لتنفيذ ما وصفه بـ”تعويذة” بعد أن أوهمه أحد المشعوذين بوجود كنز مدفون لا يُفتح إلا بتضحية بعيني امرأة.
ورغم أن هذه الجريمة بدت خارج حدود المنطق، إلا أنها كشفت الجانب المظلم والمريض في علاقة بعض الرجال بزوجاتهم: نظرة دونية تصل حدّ إلغاء إنسانيتهن وتحويلهن إلى أدوات أو قرابين.
قد يحاول البعض تبرير هذا النوع من الاعتداءات بكليشيهات مألوفة: “لحظة غضب”، “ظروف اجتماعية”، “ضغوط نفسية”، “تأثير الشعوذة”… لكن الحقيقة أنها محاولات تسطيح لمستوى خطير من العنف الوحشي الموجّه ضد النساء، حتى داخل أسرهنّ المفترضة كمصدر أمان.

