دخلت شركة Tunisair Express، الناقلة الجهوية التابعة للخطوط التونسية، في أزمة غير مسبوقة بعد أن قرّرت الوكالة الأوروبية لسلامة الطيران (EASA) تعليق شهادة مشغّلها الجوي (TCO) ومنع أسطولها من دخول الأجواء الأوروبية. القرار شمل طائرتين من طراز ATR 72-600، لا تعمل منهما سوى واحدة بصفة فعلية، وهو ما وضع الناقلة في مأزقٍ حقيقي مع بداية الموسم السياحي.
مصادر مهنية أوضحت أن تعليق الترخيص الأوروبي لم يكن مرتبطًا بسلامة الطائرات في حدّ ذاتها، بل بملف تنظيمي وتقني يتعلق بأنظمة المتابعة والمطابقة للمعايير الأوروبية. فـ EASA شددت على ضرورة تحيين النظام المعلوماتي الخاص ببرمجة الرحلات وضبطها، بما يتماشى مع الضوابط الجديدة لمراقبة العمليات.
حلول عاجلة… وكلفة باهظة
لتفادي انقطاع رحلاتها نحو أسواق حيوية مثل مالطا وباليرمو ونابولي وكاتانيا، لجأت Tunisair Express إلى حلّ مكلف:
- إبرام عقود Wet Lease مع شركتي Nouvelair (تونس) وUniversal Air (مالطا).
- هذا النظام يوفّر الطائرة كاملة بطاقمها وصيانتها وتأمينها، مقابل تكفّل الشركة التونسية بالبيع والتسويق فقط.
لكنّ هذه الصيغة، رغم نجاعتها التشغيلية، تثقل الكاهل المالي للشركة الصغيرة. إذ تشير تقديرات مهنية إلى أنّ كراء طائرة ATR-72 قد يتراوح بين 1,200 و2,000 دولار للساعة، ما يعني أن الفاتورة الشهرية قد تصل إلى 1.5 أو حتى 2 مليون دولار في حال التشغيل المنتظم.
ارتباك في التواصل
رغم تأكيد الإدارة أنها ستتلافى التعطيلات في ظرف أسبوعين، أصدرت الناقلة بلاغًا جديدًا في أواخر أوت لم تحدد فيه مطلقا تاريخا واضحا لاستكمال التحيين التقني لنظامها المعلوماتي في وقت عادت فيه طائرة واحدة للعمل على بعض الخطوط الداخلية فقط. هذا التناقض ترك حيرة في أوساط المسافرين والمهنيين، وزاد من التشكيك في قدرة الشركة على الالتزام بوعودها.


الأزمة الحالية ليست حادثًا معزولًا، بل تأتي في سياق تشديد الاتحاد الأوروبي لرقابته على الناقلات الإفريقية. وهي تذكير قاسٍ بأنّ الاستثمار في التحديثات التقنية والالتزام بالمعايير لم يعد ترفًا، بل شرطًا للبقاء في السوق.
- على الصعيد المالي: الأعباء الإضافية الناتجة عن الاستئجار تهدّد توازنات شركة عمومية محدودة الإمكانيات أصلًا.
- على الصعيد الرمزي: صورة الطيران التونسي تتضرّر أمام المسافرين والشركاء الأوروبيين، خصوصًا مع تكرار البلاغات والتأخيرات.

وفي خضم الاعتذارات المتكررة، يظلّ السؤال الجوهري معلقًا:
- أين الطائرة TS-LBF الغائبة عن الخدمة؟
- ولماذا لم يتم إنجاز التحيين التقني في الآجال التي أعلنتها الإدارة؟
إجابات غامضة عن هذه الأسئلة تعني ببساطة أنّ الأزمة مازالت مفتوحة، وأنّ Tunisair Express أمام سباق مع الزمن لاستعادة ثقة الجهات الرقابية الأوروبية، وضمان استمرارية نشاطها دون مزيد من الخسائر.

