وصف الباحث التونسي ومدير مركز جينيف للسياسة العربية، الدكتور سامي الجلولي، النظام الجبائي في تونس بأنه “قاتل” ويمثل “أكبر عائق أمام الاستثمار”، محذّرًا من أن استمرار العمل به سيؤدي إلى انهيار تدريجي للنسيج الاقتصادي وفقدان الدولة لمواردها الضريبية.
وفي تدوينة مطوّلة نشرها على صفحته الرسمية، عبّر الجلولي عن قلقه من الإجراءات الجبائية المعتمدة في البلاد، معتبرًا أن النظام الحالي “يجهز على المؤسسة قبل أن تتعلم الحركة”. وقال إن “الأوراق تتكاثر، والضغوطات تزداد، والمحاسبون يُنهكون، والمستثمر يُستنزف نفسيا وماديا منذ الشهر الأول”.
وتساءل الجلولي: “ما معنى أن تكون مطالبًا كل شهر بالتصريح الضريبي؟”، مشيرًا إلى أن التأخير في التصريح يؤدي إلى تكدّس الخطايا والفوائد، التي سرعان ما تتحول إلى آلاف الدنانير، وتدفع صاحب المؤسسة نحو الإفلاس حتى قبل أن ينطلق فعليًا.
وأشار إلى أن الأنظمة الجبائية في الدول المتقدمة “تمنح هامشًا من المرونة”، حيث يتم التصريح عادة مرة واحدة في السنة، مع إمكانية التمديد مقابل غرامات رمزية، وهو ما يسمح للمؤسسات بالتركيز على العمل والإنتاج وتحقيق الأرباح قبل تسوية وضعيتها الجبائية.
كما دعا الجلولي إلى حزمة من الإصلاحات العاجلة، من بينها:
- إلغاء التصريح الشهري والاقتصار على تصريح جبائي سنوي أو سداسي.
- تخفيض الضريبة على الأرباح إلى مستوى يتراوح بين 10% و12%.
- توحيد نسب الضريبة بين الأشخاص الطبيعيين والمعنويين.
- تقليص نسبة الأداء على القيمة المضافة (TVA) إلى سقف 10%، موضحًا أن المستهلك النهائي هو من يتحمل هذا العبء وليس التاجر أو المصنع.
واختتم بالقول إن “خفض نسب الضرائب أثبت في العديد من التجارب الدولية أنه يزيد من المداخيل الجبائية لا العكس”، مشددًا على أن “الضغط الجبائي المفرط يقتل الجباية”، مستشهدًا بالمقولة الشهيرة: “Trop d’impôt tue l’impôt”.
وأضاف: “إذا استمررنا بهذا النهج، فلن نجد بعد سنوات لا شركات تدفع الضرائب ولا ضرائب تُدفع”.
وأول أمس قال رئيس المنظمة التونسية لرواد الأعمال ياسين قويعة، لدى حضوره في برنامج ” ناس الديوان ”
إن هناك 825 ألف و700 بحسب آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء
وأشار قويعة، الى أن 97 بالمائة من هذه المؤسسات هي مؤسسات صغرى وصغرى جدا، معتبرا أنها نسبة كبيرة وهو ما خلق بمثابة هوة بين المؤسسات الكبرى والصغرى.
وأضاف المتحدث، بأن صاحب المؤسسة اليوم صار أقصى طموح بالنسبة له هو أن يتقاضى مرتب شهري، مثل الأجير في ظل الصعوبات التي تعيشها جل المؤسسات بسبب البيروقراطية والتعقيدات الإدارية والتشريعية.
وأوضح ذات المصدر، بأن أكثر من 400 ألف مؤسسة اقتصادية صغرى على حافة الإفلاس بسبب سياسات عمومية قديمة وتشريعات بالية، فضلا عن غياب الرقمنة والضرائب المفروضة من الدولة الى جانب تغول القطاع الموازي.
وتابع قائلا ” صاحب المؤسسة اليوم صار يعيش في دوامة كبيرة وأصبح أقصى طموحه مرتب شهري.”

