تعيش منطقة حي الغزالة التابعة لولاية أريانة، خلال هذه الفترة، على وقع أزمة بيئية ومعيشية حادّة، بسبب الانتشار الكبير للفضلات المنزلية في مختلف أركان الحي، وسط تذمّر واسع من متساكنيه الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على التصرّف في نفاياتهم بوسائل بدائية وغير صحّية، بعد أن قامت بلدية المكان، منذ أشهر، بسحب الحاويات دون تقديم بديل فعّال.
ومع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تفاقمت حدّة الوضع، حيث تحوّلت العديد من الأنهج إلى مصبّات عشوائية، تنبعث منها الروائح الكريهة وتشكل خطراً على الصحة العامة، خاصة في ظل غياب حملات النظافة والمراقبة البيئية.
يقول أحد سكان الحي، السيّد حسن (52 سنة): “كأننا نعيش خارج الدولة. لا حاويات، لا نظافة، وروائح لا تُطاق. كل ركن في الحي تحوّل إلى كومة من النفايات، ومع الحرارة، الوضع أصبح لا يُحتمل”.
من جهتها عبّرت السيدة منيرة (ربة منزل، 39 سنة) عن استيائها قائلة: “لم يعد لدينا أين نضع أكياس القمامة. نضطر لوضعها قرب الأشجار أو في الزوايا، لتتحول لاحقًا إلى مأوى للقطط والجرذان والحشرات. إلى متى هذا الإهمال؟”.
ولم تقتصر معاناة الأهالي على تراكم الفضلات، بل امتدّت لتشمل الشارع الرئيسي للحي، الذي فقد ممرّاته المخصصة للراجلين (التروتوار) بعد أن سيطر عليه عدد من الباعة الهامشيين الذين يعرضون الخضر والغلال في ظروف غير منظمة، ما جعل التنقّل في الحي أشبه بـ”مغامرة يومية”، خاصة بالنسبة للتلاميذ وكبار السن.
وفي هذا السياق، يقول الشاب أمير (طالب جامعي، 23 سنة): “لكي أخرج من الحي أو أعود إلى منزلي، أضطر إلى السير بين العربات والمعروضات على قارعة الطريق، وقد تعرّضت مرارًا للتدافع وحتى المضايقات. الأمر خطير ويستوجب تدخلاً عاجلاً”.
وتزداد الأوضاع تعقيدًا بسبب الازدحام المروري الخانق الذي تتسبب فيه شاحنات التزويد التي تقف يوميًا أمام المغازة العامة وعدد من المحلات التجارية في قلب الحي، وتحديدًا في أوقات الذروة، حيث تتم عمليات التزويد في منتصف النهار، مما يعطّل حركة المرور ويعيق تنقّل السكان والمارة.
يعلّق أحد السائقين، السيّد محمد (سائق أجرة): “كل يوم نعيش نفس الكابوس. لا يمكنك تجاوز الشاحنات، والحي أصلاً مكتظ. لماذا لا يتم التزويد في الصباح الباكر أو خارج أوقات الذروة؟”.
ورغم تأكيد بعض المسؤولين المحليين ببلدية الغزالة، في وقت سابق، على العمل لإيجاد حلول لهذه الأوضاع المتردية، إلا أن الوضع ما يزال على حاله، في ظل غياب تدخلات فعلية ومستمرة، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول مدى جدية السلط المحلية في التعاطي مع هذه الكارثة البيئية والاجتماعية وهو ما يتطلب تدخلا مباشرا من والي أريانة لوضح حد لهذا التسيب .

