بوب مينينديز، السيناتور السابق الأرفع عن ولاية نيوجيرسي، التحق صباح الثلاثاء 17 جوان 2025 بسجن فيدرالي في ولاية بنسلفانيا لبدء تنفيذ عقوبة بالسجن لمدة 11 عامًا بعد إدانته ببيع نفوذه السياسي لحكومتين أجنبيتين وثلاثة رجال أعمال مقابل سبائك ذهبية وأموال نقدية وسيارة فاخرة ومكاسب أخرى.
مينينديز، البالغ من العمر 71 عامًا، ارتدى زي السجن بعد 11 يومًا من الموعد الذي حدّده القاضي الفدرالي سيدني شتاين عند إصدار الحكم في جانفي، وذلك بعد أن حصل على تأجيل لحضور زفاف ابنة زوجته في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وكان مينيندز الى جانب الجمهوري جيم ريش (من ولاية أيداهو)،تقدم يوم 16 جويلية 2023 ب”قانون حماية الديمقراطية في تونس”، وهو تشريع يهدف إلى تعزيز المؤسسات الديمقراطية عبر تقليص التمويلات التي تستفيد منها تونس، إضافة لإنشاء صندوق لدعم الإصلاحات الديمقراطية.
ونصّ التشريع على الحد من التمويلات التي تستفيد منها تونس من وزارة الخارجية الأميركية بنسبة 25%، بما في ذلك المساعدة الأمنية، حتى ينهي الرئيس قيس سعيّد حالة الطوارئ المعلنة في 25 جويلية 2021، باستثناء التمويلات الموجهة للمجتمع المدني التونسي.
كما تضمن التشريع اعتماد 100 مليون دولار سنويا للسنتين الماليتين المقبلتين؛ لإنشاء “صندوق دعم الديمقراطية في تونس”، على أن يتاح المبلغ بعد تصديق وزير الخارجية على أن الحكومة التونسية “قد أحرزت تقدما في المعايير الديمقراطية، بما في ذلك استعادة سلطات البرلمان واستقلال القضاء ووقف المحاكمات العسكرية للمدنيين والاعتقالات التعسفية للصحفيين”.
وكان مينينديز، وهو ديمقراطي مخضرم خدم في الكونغرس منذ 1993 إلى حين استقالته في أوت 2024، قد حاول خلال شهر جوان الماضي الحصول على تأجيل إضافي عبر التماس الإفراج بكفالة في انتظار الاستئناف، غير أنّ محكمة الاستئناف الفدرالية الثانية رفضت طلبه. كما لم تفلح مناشداته العلنية والسرية للرئيس دونالد ترامب من أجل عفو رئاسي، إذ لم تلق قبولًا في البيت الأبيض ولا لدى الرأي العام.
وكتب أحد مستخدمي منصة “إكس” ردًا على تدوينة لمينينديز بتاريخ 11 جوان 2025 ، اشتكى فيها من “تسليح” النظام القضائي ضده: “اصمت”.
وأكد مكتب السجون الفدرالي أنّ مينينديز التحق كما هو مقرر صباح الثلاثاء 17 جوان 2025 بمؤسسة الإصلاح الفدرالية “شوكيل” في مدينة مينيرسفيل، وهو سجن متوسط الحراسة يبعد نحو 160 ميلًا غرب منزله في “إنغلوود كليفس”.
وعلى الرغم من أنّه ظلّ لفترة طويلة شخصية سياسية نافذة وفاز بسهولة بإعادة انتخابه في 2018 حتى بعد محاكمة فساد انتهت بإبطال الدعوى في 2017، فإنّ إدانته في جويلية الماضي ودخوله السجن أثارا صدمة واسعة في الأوساط السياسية بولاية نيوجيرسي وعلى الصعيد الوطني، نظرًا لصعوبة محاسبة المسؤولين العموميين تاريخيًا في قضايا الفساد.
ويُعتبر مينينديز أوّل سيناتور يُدان بتهمة العمل كوكيل أجنبي، وهي التهمة الأخطر بين 16 تهمة وُجّهت إليه لما تحمله من تداعيات على الأمن القومي. وكان يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ عندما وجه له الادعاء العام في نيويورك، في سبتمبر 2023، لائحة اتهام مع زوجته نادين بتلقي رشاوى مقابل تسهيل مصالح لمصر وقطر ورجال الأعمال الأميركيين من أصل مصري وائل حنا، وفريد ديبس، وخوسيه أوريبي.
وقال النائب الديمقراطي السابق توم مالينوفسكي: “أعتقد أن السيناتور مينينديز كانت له مسيرة طويلة قدّم خلالها الكثير للبلاد وللولاية. ومن المؤسف أن ينتهي به الأمر بارتكاب أفعال تستوجب مثل هذا النوع من المحاسبة”. لكنه أضاف أنّ مينينديز ربما لم يكن ليدخل السجن لو أنّ ترامب كان في البيت الأبيض بدلًا من الرئيس السابق جو بايدن عند بدء التحقيقات.
ورأى مالينوفسكي أنّ إدارة بايدن أثبتت نزاهة في مواجهة الفساد، في حين أنّ إدارة ترامب كانت قد أوقفت تنفيذ قانون الممارسات الأجنبية الفاسدة، ما كان سيحول دون محاكمة مينينديز.
بدوره، اعتبر ديلان هيدتلر-غوديت، من منظمة “مشروع الإشراف على الحكومة” بواشنطن، أنّ قضيته قد تكون انعكاسًا لنهاية حقبة، لكنه حذّر من أنّ الفساد قد يزدهر أكثر في ظل إدارة ترامب، متهمًا الرئيس وعائلته بانتهاك مبادئ الحكم الأخلاقي عبر استغلال موقعهم لتحقيق مكاسب مالية.
ورغم أنّ كثيرين يرون أن ترامب لن يمنح العفو لمينينديز، توقّع مالينوفسكي أن يصدر عفو في المستقبل، لكن المستفيد قد يكون وائل حنا، رجل الأعمال الأميركي المصري الذي أُدين مع مينينديز برشوة السيناتور مقابل احتكار تصدير اللحوم الحلال إلى مصر. وأوضح أنّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يمارس ضغوطًا مكثفة من أجل الإفراج عن حنا، معتبرًا أنّ ذلك سيكون رسالة بأن “الوطن الأم يقف دائمًا إلى جانب من يخدمه”.

