تعمل تونس والصين على تكثيف تعاونهما الثنائي الذي يشمل مجموعة واسعة من القطاعات الإستراتيجية التي تتراوح من الصحة إلى النقل. ويعكس هذا التعاون المعزز، الذي يندرج في إطار الشراكة الاستراتيجية خلال زيارة الرئيس قيس سعيد إلى بكين في 31 مايو 2024، رغبة البلدين في تعزيز علاقاتهما وتعزيز التنمية المشتركة. استقبل سعيد، يوم الجمعة 21 فيفري وزير الصحة مصطفى الفرجاني بقصر قرطاج، قبل مغادرته إلى الصين حيث سيوقع مذكرة تفاهم بشأن مدينة الأغالبة الطبية بالقيروان.
المذكرة الخاصة التي سيوقعها وزير الصحة مصطفى الفرجاني، ليست استثناءً، فقد قامت الدولة الوسطى في الواقع بتمويل المستشفيات، والأكاديمية الدبلوماسية والمجمعات الرياضية في تونس وشركاتها حصلت على عقود لبناء بنى تحتية استراتيجية مثل الجسور والموانئ. حصلت مجموعة الطرق والجسور في سيشوان (Srbg) على عقد بناء جسر بنزرت، بعد مناقصة دولية، بكلفة 200 مليون أورو، تعادل 79 في المائة من إجمالي الاستثمارات، بتمويل من بنك الاستثمار الأوروبي (EIB) والبنك الإفريقي للتنمية. وتعمل نفس الشركة الصينية على إنشاء طريق جنوبي بطول 4.5 كيلومتر، بالإضافة إلى إنشاء الجسر الرئيسي، وإنشاء وصلة شمالية وطريق سريع بطول 2.5 كيلومتر.
وتأتي زيارة الفرجاني تزامنا مع زيارة وزير النقل رشيد العامري إلى بكين وشانغهاي، الذي التقى برفقة سفير تونس ببكين عادل العربي ممثلين عن شركات ومؤسسات عمومية صينية مهمة، تناولوا مختلف مجالات قطاع النقل. كما أجرى العامري زيارات ميدانية لمراقبة التقنيات وطرق الإدارة المستخدمة في مطار بكين وقطارات الأنفاق ومرافق إنتاج السيارات عن كثب، والحلول المبتكرة لإدارة النقل العام والموانئ.
كما بحث وزير النقل التونسي فرص التعاون في مجال النقل الذكي. وفي شنغهاي، تعرف العامري على أحدث التقنيات في مجال الخدمات الرقمية والتدريب، مع التركيز بشكل خاص على فرص التعاون والاستثمار، مع التركيز على إدارة الموانئ. وتندرج زيارة الوزير إلى الصين، نيابة عن الرئيس سعيد، في إطار الجهود المبذولة لتحديث نظام النقل التونسي، من خلال تعزيز التعاون الثنائي وجذب الاستثمارات الصينية.
وشهد رئيسا البلدين، شي جين بينغ وقيس سعيد، توقيع اتفاقيات تعاون في عدة قطاعات العام الماضي، بما في ذلك الاستثمار والتنمية منخفضة الانبعاثات والاستدامة. وقامت تونس والصين، اللتان احتفلتا بالذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية في عام 2024، بتعاون مثمر في السنوات الأخيرة في إطار مبادرة الحزام والطريق، “طريق الحرير” الجديد.
إن موقع تونس في وسط ساحل شمال إفريقيا، مع إمكانية الوصول إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية وقريبة من طرق الشحن الحيوية، يجعلها شريكا قيما للصين، كما أكدت مذكرة التفاهم التي تم التوصل إليها في وقت مبكر من عام 2018. وكما هو الحال مع دول طريق الحرير الأخرى، تقترب الصين من تونس مع وضع مبدأين أساسيين في الاعتبار: عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد والانتهازية التي لا مثيل لها.
والمقصود من هذين المبدأين هو مواجهة النهج الغربي، ولكن مع ميزة اتخاذ القرار بشكل مباشر وسريع أكثر من النهج الأوروبي، فضلاً عن العمالة الرخيصة والتمويل.
ويستكشف البلدان فرصًا جديدة لمواصلة تعزيز تعاونهما الاقتصادي، مع التركيز بشكل خاص على الاستثمارات الصينية في مشاريع البنية التحتية الرئيسية في تونس. والصين هي الشريك التجاري الرابع لتونس بعد ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، على الرغم من أن البيانات الصادرة عن المعهد الوطني للإحصاء تشير إلى أن الميزان التجاري يميل لصالح بكين بمقدار 971.2 مليون دينار (حوالي 294 مليون يورو)، مما يساهم في العجز التجاري للبلاد الذي تضاعف ثلاث مرات في جانفي 2025 .
ووفقا لأحدث البيانات الصادرة عن مركز ترويج الصادرات (Cepex)، تسجل الصادرات التونسية إلى الصين زيادة ثابتة بنسبة خمسة بالمائة سنويا. وفي سنة 2024، يصل حجم التبادل التجاري بين تونس والصين إلى ما يقارب 1.8 مليار دولار. وبلغت عائدات الصادرات التونسية إلى الصين حوالي 217 مليون دينار (65,7 مليون أورو)، أبرزها منتجات مثل زيت الزيتون الذي حققت مبيعاته حوالي 68 مليون دينار (20,6 مليون أورو)، والمنتجات البحرية (43 مليون دينار أو 13 مليون أورو) والتمور (2,6 مليون دينار، حوالي 787 ألف أورو).