شهدت مدينة مرسيليا الفرنسية يوم 8 أكتوبر 2025 حدثًا تقنيًا واستراتيجيًا لافتًا، تمثّل في ربط الكابل البحري الجديد “ميدوزا” (Medusa) بشبكة الاتصالات العالمية، وهو مشروع ضخم تشرف عليه شركة Orange Marine ويهدف إلى ربط تونس وعدة مدن متوسطية بالبنية الرقمية الأوروبية انطلاقًا من السواحل الفرنسية.
العملية تمت من شاطئ “لا فييّ شابيل” (La Vieille-Chapelle) في الدائرة الثامنة لمرسيليا، حيث تمّ غمر الكابل في البحر بواسطة السفينة المتخصصة “صوفي جيرمان” (Sophie Germain)، باستخدام نظام تموضع ديناميكي متقدّم مكّن الفريق من تثبيت الكابل بدقّة بالغة أثناء عملية “الهبوط إلى الشاطئ”، وهي المرحلة الأكثر حساسية في هذا النوع من المشاريع.
وتمّ إلى حدّ الآن نشر أكثر من 500 كيلومتر من الكابل في البحر، فيما سيُضاف لاحقًا 500 كيلومتر أخرى لربط ضفّتي المتوسط بين أوروبا وشمال أفريقيا، بما في ذلك السواحل التونسية.
وقال القبطان جيرالد كوتورييه إن التقنية الجديدة تتيح للسفينة “الثبات في موقعها لساعات أثناء عملية الاتصال باليابسة دون شدّ الكابل أو التسبب في أي تلف”.
أما من الناحية البيئية، فقد تم تصميم السفينة والكابل بما يحترم النظام البحري، إذ جرى تفادي مناطق الأعشاب البحرية (البوسيدونيا) الحساسة، قبل أن يتم إنزال الكابل إلى الأعماق بواسطة روبوت مخصص تبلغ قيمته خمسة ملايين يورو، صُمّم في منطقة إيكس أون بروفانس، ويمكنه النزول إلى عمق 3 آلاف متر لمراقبة عملية التركيب بدقّة عبر كاميرات عالية الدقة.
وأوضح سيريال دوفاي، المدير التنفيذي لقسم العمليات بشركة أورنج مارين، أن التقنية تتيح “دفن الكابل حتى عمق 2.5 متر داخل قاع البحر لضمان حمايته من مراسي السفن الكبرى”.
هذا الكابل الجديد يشكّل جزءًا من الحلقة الرقمية المتوسطية التي تربط سبعة مراكز بيانات ضخمة تابعة لـ Orange في مرسيليا، ما يجعل المدينة تتبوأ مكانة رائدة في أوروبا، وتحتل المرتبة السادسة عالميًا في مجال الربط الدولي للإنترنت.
بهذا المشروع، تدخل تونس رسميًا في شبكة “ميدوزا” الرقمية، في خطوة تُكرّس موقعها كمحور استراتيجي بين أوروبا وأفريقيا، وتفتح أمامها آفاقًا واسعة في الاقتصاد الرقمي والاتصالات عالية السرعة.

