في مقال نُشر اليوم على موقع “منتدى الشرق الأوسط” (MEForum)، تم الادعاء بأن تونس تتجه نحو تعزيز علاقاتها مع إيران على حساب علاقاتها مع الولايات المتحدة، مما يهدد مصالح واشنطن في المنطقة. ومع ذلك، فإن هذه الادعاءات تفتقر إلى الدقة ولا تعكس الواقع الكامل للعلاقات التونسية مع إيران والولايات المتحدة.
1. العلاقات التونسية الإيرانية: دبلوماسية محدودة ومصالح مشتركة
تاريخيًا، تتمتع تونس بعلاقات دبلوماسية مع إيران، ولكنها لم تكن عميقة أو استراتيجية. في سبتمبر 2025، استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في قصر قرطاج، مما أثار تساؤلات حول تحول محتمل في السياسة الخارجية التونسية. ومع ذلك، فإن هذه الزيارة تندرج في إطار تعزيز العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، مثل استئناف التعاون السياحي وإعادة فتح التأشيرات السياحية لمدة 15 يومًا بين البلدين، دون أن تشير إلى تحول جذري في السياسة التونسية تجاه إيران
2. العلاقات التونسية الأمريكية: شراكة استراتيجية في مجالات متعددة
على النقيض من ذلك، تُظهر العلاقات التونسية الأمريكية تعاونًا وثيقًا في مجالات الأمن والدفاع. في سبتمبر 2025، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على بيع صواريخ “جافلين” إلى تونس في صفقة تصل قيمتها إلى 900 مليون دولار، مما يجعل تونس الدولة الوحيدة في المنطقة التي تحصل على هذه الصواريخ المتقدمة
علاوة على ذلك، تُشارك تونس بانتظام في تدريبات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة، مثل تمرين “الأسد الأفريقي 2025” (African Lion 2025)، الذي يُعد أكبر تمرين عسكري في إفريقيا، ويجمع أكثر من 10,000 جندي من دول متعددة، بما في ذلك تونس
كما تُظهر التقارير استمرار التعاون بين القوات الخاصة التونسية والقيادة الأمريكية الخاصة في إفريقيا (SOCAFRICA)، مع زيارات متبادلة وتبادل الخبرات لتعزيز القدرات العملياتية .
3. السياسة التونسية: توازن بين الشرق والغرب
تسعى تونس إلى الحفاظ على سياسة خارجية متوازنة، تُعزز علاقاتها مع مختلف القوى العالمية دون الانحياز الكامل إلى أي طرف. بينما تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع إيران في مجالات مثل السياحة والتجارة، فإنها تُحافظ أيضًا على شراكة قوية مع الولايات المتحدة في مجالات الأمن والدفاع.
في الختام، فإن الادعاءات بأن تونس تتجه بشكل حاسم نحو تعزيز علاقاتها مع إيران على حساب الولايات المتحدة لا تعكس الواقع بشكل دقيق. تستمر تونس في اتباع سياسة خارجية متوازنة، تُعزز علاقاتها مع مختلف القوى العالمية بما يخدم مصالحها الوطنية.

