يتجمع قادة العالم في نيويورك كل شهر سبتمبر لعدة أيام من الخطابات في الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، التي تبدأ دورتها الثمانين يوم الثلاثاء.
من يتحدث ومتى؟
تأسست الأمم المتحدة عام 1945 بـ51 عضواً أصلياً، ونمت منذ ذلك الحين إلى 193 عضواً. قادة دولتين مراقبتين غير عضوين – الكرسي الرسولي ودولة فلسطين – إضافة إلى عضو مراقب هو الاتحاد الأوروبي، يمكنهم أيضاً إلقاء كلمات.
من التقاليد أن تكون البرازيل دائماً أول دولة عضو تتحدث. ويقول مسؤولو الأمم المتحدة إن ذلك يعود إلى أن البرازيل في السنوات الأولى كانت تتقدم للحديث أولاً عندما كانت الدول الأخرى مترددة.
وباعتبارها الدولة المضيفة لمقر الأمم المتحدة في نيويورك، تكون الولايات المتحدة ثاني دولة تخاطب الجمعية العامة.
بعد ذلك يتم ترتيب القائمة وفقاً للتسلسل الهرمي، وبشكل عام على أساس أولوية الطلب. يتحدث رؤساء الدول أولاً، ثم نواب الرؤساء والأمراء، تليهم رؤساء الحكومات، الوزراء، ورؤساء الوفود من الرتب الأدنى.
كم من الوقت سيتحدثون؟
يُطلب من القادة الالتزام بحد زمني طوعي قدره 15 دقيقة.
وبحسب سجلات الأمم المتحدة، كانت إحدى أطول الكلمات خلال افتتاح الجمعية العامة عام 1960 على يد الزعيم الكوبي فيدل كاسترو الذي تحدث نحو أربع ساعات ونصف. كما ألقى الزعيم الليبي معمر القذافي كلمة استمرت أكثر من ساعة ونصف عام 2009.
وفي هذه الوثيقة الخاصة بجدول النقاش العام للدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة (23 – 29 سبتمبر 2025)، والتي نشرتها الأمم المتحدة في جويلية الماضي يظهر اسم تونس في وم الخميس 25 سبتمبر 2025، ضمن الجلسة الصباحية (من 9 صباحاً حتى 2:45 ظهراً)، وهي المتحدث الأول في ذلك اليوم.
أما عبارة HS فهي اختصار لـ Head of State أي رئيس الدولة، ما يعني أن الكلمة الرسمية لتونس سيلقيها رئيس الجمهورية قيس سعيّد بنفسه.

عمّ سيتحدثون؟
لكل دورة جديدة للجمعية العامة موضوع رئيسي. قد يشير القادة إلى الموضوع بإيجاز قبل الانتقال إلى ما يرغبون في طرحه من قضايا.
موضوع هذا العام هو: “معاً بشكل أفضل: 80 عاماً وأكثر من أجل السلام والتنمية وحقوق الإنسان.”
ومن القضايا المرجح أن يتطرق إليها القادة:
غزة: يجتمع القادة بينما تدخل الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة عامها الثاني وسط تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث حذر مراقب عالمي للجوع من أن المجاعة بدأت فعلاً ومن المرجح أن تتوسع بنهاية الشهر.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو – المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، وهو ما تنفيه إسرائيل – من المقرر أن يخاطب الجمعية العامة يوم الجمعة المقبل. وقد شنت إسرائيل هجوماً برياً على مدينة غزة يوم الثلاثاء.
أما الرئيس الفلسطيني محمود عباس فلن يحضر شخصياً – إذ أعلنت الولايات المتحدة، الحليف الوثيق لإسرائيل، أنها لن تمنحه تأشيرة دخول. وسيشارك عبر الفيديو.
أوكرانيا: الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي سيسعى إلى حشد الدعم العالمي لكييف بينما يحاول الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوسط لإنهاء الحرب بعد أكثر من ثلاث سنوات على الغزو الروسي. من المقرر أن يلقي زيلينسكي كلمته يوم الأربعاء، بينما سيتحدث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم السبت.
كما سيعقد مجلس الأمن اجتماعاً رفيع المستوى حول أوكرانيا الأسبوع المقبل. وستتجه الأنظار إلى الولايات المتحدة – في المجلس وأثناء خطاب ترامب في الجمعية العامة – لمعرفة ما إذا كانت واشنطن ستعلن أي إجراءات مثل عقوبات لدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتفاوض مع زيلينسكي.
إيران: يُتوقع أن تشهد نيويورك جهود دبلوماسية في اللحظات الأخيرة بشأن البرنامج النووي الإيراني مع سعي طهران لتفادي إعادة فرض جميع عقوبات مجلس الأمن عليها في 28 سبتمبر. ومن المتوقع حضور الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير الخارجية عباس عراقجي.
سوريا: سيكون من أبرز الحاضرين هذا العام الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي قادت جماعته “هيئة تحرير الشام” الهجوم الخاطف الذي أطاح بالرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي منهياً 13 عاماً من الحرب الأهلية.
لكن الهيئة، التي كانت تعرف سابقاً بجبهة النصرة، كانت فرع القاعدة في سوريا حتى قطعت ارتباطها بها عام 2016. ولا تزال الجماعة والشرع خاضعين لعقوبات الأمم المتحدة، لكن تم منحه استثناءً للسفر إلى نيويورك بين 21 و25 سبتمبر.
المناخ: بينما يكافح العالم لحصر الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية، من المتوقع أن يدعو قادة الدول الجزرية الصغيرة والدول الأكثر تأثراً بتغير المناخ مجدداً إلى اتخاذ إجراءات عاجلة.
النساء: يوم الاثنين، أي قبل يوم من بدء الخطابات، سيلتقي القادة لإحياء الذكرى الثلاثين لمؤتمر الأمم المتحدة الرابع للمرأة الذي عقد في بكين عام 1995 واشتهر بشعار “حقوق المرأة هي حقوق الإنسان.”
وسيكون موضوع اجتماع الاثنين هو تجديد الالتزام وتوفير الموارد وتسريع تنفيذ إعلان بكين، غير أن القادة سيعبرون على الأرجح عن خيبة أملهم إزاء بطء التقدم وتصاعد الهجمات على حقوق المرأة.
السودان: من المرجح أن تتم مناقشة الحرب المستمرة منذ عامين ونصف في السودان، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، والتي خلقت ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع تفشي الجوع في مناطق واسعة بما فيها الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وقد دعت الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر إلى هدنة إنسانية لثلاثة أشهر تليها هدنة دائمة. وتعد هذه الدول الأربع صاحبة أكبر نفوذ على طرفي الصراع.
التوتر الأميركي – الفنزويلي: بعد أن عززت الولايات المتحدة وجودها البحري في جنوب الكاريبي الشهر الماضي، اشتكت فنزويلا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش. ومنذ ذلك الحين نفذ الجيش الأميركي ضربتين قاتلتين ضد سفن يُزعم أنها تابعة لكارتلات مخدرات فنزويلية في المياه الدولية. ومن المتوقع أن يثير وزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل هذه المسألة في خطابه يوم السبت. وقد اتهم الرئيس نيكولاس مادورو مراراً الولايات المتحدة بالسعي للإطاحة به.
سباق تعيين أمين عام جديد للأمم المتحدة: ستختار الأمم المتحدة العام المقبل أميناً عاماً جديداً، حيث تنتهي ولاية أنطونيو غوتيريش الثانية في 31 ديسمبر 2026. ومن المتوقع أن يدور الكثير من النقاشات الجانبية في أروقة الجمعية العامة حول الأسماء المحتملة لخلافته.
ويتعين على مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً التوافق على مرشح لتقديمه إلى الجمعية العامة المؤلفة من 193 عضواً للتصويت، وهو ما يعني ضرورة موافقة القوى الخمس الكبرى صاحبة حق النقض: بريطانيا، الصين، فرنسا، روسيا والولايات المتحدة.

