لا يزال رجل الأعمال الإيطالي أنجيلو سالفاتوري ستراكوتزي موقوفا في تونس، رغم صدور قرار قضائي إيطالي بالإفراج عنه منذ أكثر من 20 يوما . ويأتي هذا الايقاف المستمر في وقت تحذر فيه أسرته ومنظمات حقوقية من تدهور حالته الصحية، خصوصًا أنه يحتاج إلى علاج طبي عاجل لعلاج مرض خطير.
ألقت وحدات الأمن في الحمّامات القبض على ستراكوتزي وصديقته بعد أن استأجر منزلاً في المدينة منذ ثلاثة أشهر واستقر فيه. ووفقًا لمصادر أمنية، جرت عملية الإيقاف بالتنسيق بين الوحدات الأمنية التونسية والإيطالية وبإشراف مكتب الإنتربول، بعد سلسلة من التحقيقات المكثفة.
وقالت المصادر إن عملية توقيف ستراكوتزي جاءت في إطار متابعة تحركاته باعتباره شخصًا قريبًا من المافيا الإيطالية،” كوزا نوسترا ” ومسؤولًا عن محاولات التسلل إلى الهيكل الاقتصادي في إيطاليا. وأكدت المصادر أن العملية كشفت عن شبكات منظمة تحاول المس بالاقتصاد الإيطالي وتهدد أمن البلاد وسلامتها.

يواجه ستراكوتزي مجموعة من الاتهامات منها:
- الابتزاز وتعطيل المزادات التجارية بهدف دعم مصالح شبكات المافيا في أغريجينتو.
- نقل الأموال بطريقة احتيالية لتجنب الحجز، بما في ذلك حصصه في مجموعة من الشركات
- تهم مرتبطة بأساليب المافيا، مثل الضغط على منافسين وإعاقة نشاط شركات خاصة.
وكانت محكمة باليرمو قد أصدرت بحق ستراكوتزي تدابير احترازية في السجن، إلا أنه استطاع الهروب قبل عام، لينتهي به المطاف محتجزًا الآن في تونس رغم صدور قرار بالإفراج عنه.

قالت الصحفية فلافيا فيليبي، على لسان جمعية “Seconda Chance”، إن ما يحدث لستراكوتزي يشكل “أوديسة حقيقية”:
“منذ ما يقارب العام يُحتجز ستراكوتزي في تونس ضد إرادته. بعد اعتقاله في مدينة الحمامات بناءً على مذكرة توقيف أوروبية، أعرب عن رغبته في العودة إلى إيطاليا لمواجهة الإجراءات القضائية ضده والدفاع عن نفسه. في جانفي 2025، أصدرت السلطات التونسية قرار ترحيله، وكان من المفترض أن تنتهي فترة الكابوس، إلا أن الوضع بقي على حاله. تونس تقول إن تنفيذ إجراءات الترحيل أصبح من اختصاص السلطات الإيطالية، وفي إيطاليا، وعلى الرغم من مراسلات عدة للنيابة ووزارة العدل، استمر التأجيل أسبوعًا تلو الآخر.”
وزعمت فيليبي:
“تمر الشهور وتزداد حالة ستراكوتزي الصحية سوءًا، إذ يحتاج إلى علاج سرطاني عاجل، لكن يبدو أن أحدًا لا يهتم بذلك. يعيش ظروفًا لا إنسانية منذ عام كامل، حيث يشترك في مساحة صغيرة مع 30 إلى 40 شخصًا آخرين. الرسائل الموجهة إليه أو من عائلته لم تصل منذ أسابيع، الأمر نفسه ينطبق على سجناء إيطاليين آخرين في تونس. العائلة تناشد السلطات المختصة التدخل للسماح بعودته إلى إيطاليا قبل فوات الأوان، مؤكدين على وجود قرار قضائي يجب تنفيذه.”
مسؤولية السلطات الإيطالية
يشير التحقيق إلى أن تأخر السلطات الإيطالية في تسلم مواطنها ساهم بشكل مباشر في استمرار ايقافه . فبعد إصدار قرار الإفراج في 30 جويلية الماضي، لم يتم اتخاذ أي إجراء فعلي لتنفيذه، .
هذا التأخير يعكس ثغرة واضحة في التنسيق بين الدولتين، ويضع السلطات الإيطالية أمام مسؤولية مباشرة عن الوضع الصحي والقانوني لمواطنها، خصوصًا في ظل مطالبات حقوقية متكررة للتدخل العاجل.
اتفاقية لتسليم المجرمين … ايطاليا لم تكن متعاونة
خلال سنة 2015 قررت محكمة الاستئناف في مدينة ميلانو الإيطالية، إطلاق سراح المغربي، عبد المجيد طويل (22 عامًا)، متهم في الضلوع بهجو باردو وعدم تسليمه إلى تونس.
وكانت السلطات الإيطالية ألقت القبض على الشاب المغربي في 20 ماي 2015 بتهمة التخطيط والتنفيذ للهجوم الذي استهدف متحف باردو ، عقب صدور مذكرة توقيف بحقه من محكمة تونسية بتهمة “القتل والخطف والسطو المسلح والانتماء إلى منظمة إرهابية والتآمر على الأمن الداخلي للدولة”.
وذكر بيان أصدره رئيس المحكمة، جوفاني كانتسيو وبثه التلفزيون الإيطالي الرسمي “أصدرنا بتاريخ 26 أكتوبر 2015، في محكمة الاستئناف في ميلانو، ووفقًا لأحكام القانون، قرارًا بعدم تسليم عبد المجيد طويل إلى تونس، المتهم بالتورط في الهجوم على متحف باردو بتونس الذي وقع في 18 مارس 2015”.
وأوضح البيان أن “الأفعال المنسوبة لطويل يعاقب عليها القانون التونسي بالإعدام، مما يشكل عائقًا أمام تسليم المشتبه به إلى السلطات التونسية، حسب نص الدستور الإيطالي المادة 27 الفقرة الرابعة”.
وأضاف “من ناحية أخرى، فإن اتفاقية تسليم المجرمين المبرمة بين إيطاليا وتونس لا توفر أية آلية لتخفيف عقوبة الإعدام إلى عقوبات أخرى، كما لم تقدم لنا السلطات التونسية ضمانات بشأن عدم تنفيذ عقوبة الإعدام بحقه”.

