الرئيسيةآخر الأخبارروائح قاتلة؟ العطور المقلّدة تغزو السوق التونسية

روائح قاتلة؟ العطور المقلّدة تغزو السوق التونسية

تتواصل في الأسواق التونسية، ظاهرة انتشار العطور المقلّدة والمغشوشة التي تُباع بأسعار مغرية على الأرصفة، وفي المحلات العشوائية، وعبر الإنترنت، مستهدفة فئات واسعة من المستهلكين، وخاصة الشباب والنساء. ومع أن المظهر الفاخر والسعر المنخفض لهذه المنتجات قد يوهمان البعض بأنها “صفقة رابحة”، إلا أن الحقيقة مختلفة تمامًا.

فلا يحتاج أي مستهلك إلى ذكاء خارق، وهو يرى الفرق الفاضح بين أسعار العطور الأصلية والمقلّدة، حتى يدرك أنه أمام عملية تحيّل واضحة لا تستهدف جيبه فقط، بل صحته وسلامته بشكل مباشر. فالمكونات مجهولة المصدر، وغياب أي ترخيص أو مراقبة صحية رسمية، يفتح الباب أمام عواقب صحية وخيمة.

— روائح قاتلة؟ العطور المقلّدة تغزو السوق التونسية
— روائح قاتلة؟ العطور المقلّدة تغزو السوق التونسية

أضرار تتجاوز الجلد… وتُنهك الجيب

تُشير شهادات من أطباء أمراض الجلد والحساسية في تونس إلى ارتفاع الحالات المرتبطة بالتعرض لمواد كيميائية مجهولة، خاصة بين النساء والشباب الذين يستخدمون مستحضرات وعطورًا من مصادر غير موثوقة. وغالبًا ما تتراوح الأعراض بين التهابات جلدية مزمنة، وحساسية مفرطة، وحالات اختناق وتشنجات تنفسية، تستوجب تدخلًا طبيًا عاجلًا.

وهنا تبرز المفارقة الصادمة: ما يُشترى بعشرة دنانير من الأسواق العشوائية، قد يُكلّف صاحبه مئات الدنانير في شكل زيارات طبية، وتحاليل مخبرية، واقتناء أدوية الحساسية والجلد، التي تُعد من بين الأغلى ثمنًا في الصيدليات، وغير مشمولة كليًا في منظومة التأمين الصحي العمومي أو الخاص.

فاتورة صحيّة باهظة يدفعها المواطن وحده

الرقابة الصحية، ورغم جهودها، تجد نفسها أمام شبكة من التوزيع الموازي يصعب تطويقها بالكامل، في ظل توسّع التجارة الإلكترونية وتهريب المواد التجميلية غير المرخصة عبر الحدود. وهنا، لا يُسجَّل فقط اعتداء على صحة المواطن، بل يتعداه إلى إغراق المنظومة الصحية بأعباء إضافية.

فالطبيب، والتحاليل، والأدوية، تشكّل سلسلة من النفقات الاضطرارية التي تنهك العائلة التونسية ذات الدخل المتوسط أو المحدود. وهو ما يؤكده أطباء في القطاعين العمومي والخاص، حيث يسجَّل ارتفاع متزايد في الإقبال على أقسام الأمراض الجلدية والحساسية خلال الأشهر الأخيرة، نتيجة استخدام مستحضرات مقلّدة أو مجهولة المصدر.

— روائح قاتلة؟ العطور المقلّدة تغزو السوق التونسية

في ظلّ هذا الواقع، يتطلب تكثيف المراقبة على نقاط البيع المشبوهة، وبإجبارية التراخيص الصحية لكل منتج عطري أو تجميلي يتم ترويجه في السوق التونسية، سواء كان محلًّا أو إلكترونيًا. كما تدعو إلى مراجعة القوانين الزجرية لمكافحة الغش التجاري، ومنح صلاحيات أكبر لمصالح وزارة الصحة والتجارة والجمارك.

ولا يقلّ وعي المستهلك أهمية عن التدخل الرسمي، فالسلوك الاستهلاكي الواعي هو خط الدفاع الأول. فالإغراء بالسعر المنخفض قد يكون بوابة لمتاعب صحية ومصاريف لا تُطاق. ومن هنا، فإن الشراء من مصادر موثوقة، وتجنّب المنتجات المشكوك فيها، يُعد مسؤولية فردية لا تقلّ أهمية عن الرقابة القانونية.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!