شهدت منظومة الدفع الإلكتروني في تونس، يوم أمس، اضطرابًا تقنيًا أدى إلى فشل عدد من عمليات الدفع عبر الإنترنت لدى حرفاء بنكين مختلفين، مع ظهور رسالة موحّدة مفادها: “Failed to send OTP – Verified by Visa”، ما حال دون إتمام المعاملات المالية الرقمية وفق ما أكده الخبير في التكنولوجيا محمد زياد باشا.
وبحسب المعطيات التي قدمها الخبير لا يعود الإشكال إلى بطاقات الدفع أو إلى الحرفاء، بل إلى عطب تقني على مستوى منظومة Click2Pay التابعة لشركة مونيتك تونس، الجهة التي تحتكر حاليًا خدمات الدفع الإلكتروني، والمصادقة عبر نظام 3D Secure، إضافة إلى التحقق النهائي من العمليات المالية.
تعطّل واسع للأنشطة الرقمية
وأدى هذا الخلل إلى توقّف مؤقت لعدد من الأنشطة المرتبطة بالاقتصاد الرقمي، من بينها:
- تعطّل عمليات البيع لدى التجار الإلكترونيين
- رفض اشتراكات خدمات رقمية ومنصات SaaS
- تعثّر عمليات دفع لفائدة نزل، مؤسسات تعليمية ومنصات رقمية
- تخلي عدد من الحرفاء عن إتمام عمليات الشراء عبر الإنترنت
خسائر مالية مباشرة وغير مباشرة
وتشير تقديرات متداولة في قطاع التجارة الإلكترونية إلى أن ما بين 30 و70 بالمائة من المبيعات تُفقد بعد فشل عملية دفع واحدة، فيما يمكن أن تتسبب ساعة واحدة من التعطّل في خسائر بمئات آلاف الدنانير، إلى جانب انعكاسات غير مباشرة على:
- مداخيل الأداء على القيمة المضافة
- السيولة المالية للمؤسسات
- ثقة الحرفاء في منظومة الدفع الرقمي
الاحتكار في صلب الإشكال
ويرى مختصون أن الإشكال لا يكمن في العطب بحد ذاته، باعتبار أن أي بنية تحتية تقنية معرضة للأعطال، بل في غياب البدائل، حيث يؤدي اعتماد السوق كليًا على مزوّد وحيد إلى خلق نقطة فشل واحدة قادرة على شلّ جزء كبير من الاقتصاد الرقمي في حال حدوث أي خلل.
ويُعيد هذا الحادث إلى الواجهة النقاش حول ضرورة:
- فتح قطاع الدفع الإلكتروني للمنافسة
- إرساء حلول بديلة ومتعددة
- اعتماد منظومات احتياطية تضمن استمرارية الخدمات
تساؤلات متجددة
وبينما يتركز الاهتمام الآني على موعد استعادة الخدمة بشكل كامل، يطرح الفاعلون في القطاع تساؤلًا أعمق: كم من الخسائر يجب أن تُسجّل قبل إقرار إصلاحات هيكلية تضمن التعددية، التنافسية، والأمان في منظومة الدفع الإلكتروني؟
كشف تحليل لمعطيات قطاع المونيتك أن كل يوم تعطّل لمنظومة الدفع الإلكتروني في تونس يؤدي إلى تجميد ما يقارب 72 مليون دينار من المعاملات المالية، في وقت بلغ فيه الحجم السنوي للمعاملات المونيتكية حوالي 26.275 مليار دينار خلال سنة 2024، مع توقعات بارتفاعه بنسبة 12 بالمائة خلال سنة 2025.
