الرئيسيةآخر الأخبارعقيد فرنسي يتحدث لأول مرة عن ظاهرة الهجرة في تونس

عقيد فرنسي يتحدث لأول مرة عن ظاهرة الهجرة في تونس

مثّل ملف الهجرة غير النظامية والتعاون الثنائي بين فرنسا وتونس في هذا المجال محور مداخلة العقيد ديدييه بلونيان، الملحق الأمني الداخلي بسفارة فرنسا في تونس منذ أوت 2023، وذلك خلال ندوة نظمتها المديرية العامة للتعاون الدولي للأمن (DCIS) يوم 26 أوت 2025.

الضابط الفرنسي قدّم قراءة شاملة لواقع الظاهرة في تونس نشرها موقع الحرس الوطني الفرنسي ، مبرزًا أنّ البلاد تعيش منذ 2023 تدفقات متزايدة للمهاجرين القادمين من دول الساحل والصحراء عبر الحدود البرية، بحدود تتراوح بين 50 و60 ألف دخول سنويًا. وأضاف أنّ أغلب هؤلاء المهاجرين يعتبرون تونس بلد عبور في اتجاه إيطاليا وأوروبا، في حين يسعى جزء من التونسيين أنفسهم إلى الهجرة نحو الضفة الشمالية للمتوسط أو حتى إلى كندا والولايات المتحدة.

وأشار بلونيان إلى أنّه في عام 2023 وصل نحو 97 ألف مهاجر إلى إيطاليا انطلاقًا من السواحل التونسية، بينما تراجع العدد في 2024 بنسبة 78% ليبلغ قرابة 22 ألفًا، بينهم 7,600 تونسي. وأوضح أنّ سواحل صفاقس ومنطقة الشمال الشرقي للبلاد تُعدّ أبرز نقاط الانطلاق، حيث ينشط المهربون عبر قوارب تقليدية أو مراكب أكثر تجهيزًا مقابل مبالغ متفاوتة.

التقرير الذي عرضه بلونيان تطرّق أيضًا إلى البُعد المالي للهجرة غير النظامية. إذ يدفع المهاجرون مبالغ تتراوح بين 500 دينار تونسي لعبور بدائي في قوارب خشبية محلية الصنع، إلى مبالغ أعلى بكثير تصل إلى الآلاف لقاء ركوب مراكب مجهزة أو رحلات “خاصة” بتواطؤ بعض الصيادين. هذا الاقتصاد غير الرسمي يغذي شبكات تهريب متشعبة، يصعب تفكيكها دون تعاون دولي واسع.

وفي ما يخص التعاون الثنائي، ذكّر العقيد الفرنسي بأن اتفاق 2008 حول إدارة الهجرة والتنمية التضامنية ما يزال الإطار المرجعي، حيث تنعقد بانتظام لجان قيادة مشتركة، كان آخرها بباريس في مارس 2024 وأسفر عن بعث لجنتين فرعيتين: واحدة للهجرة وأخرى للتنمية. كما أبرز أنّ فرنسا خصّصت 27,8 مليون يورو لدعم مشاريع مرتبطة بالهجرة، بينها تحديث نظام البصمات التونسي وتعزيز قدرات الحرس الوطني البحري.

وأكد بلونيان أنّ التعاون يتوزع على ثلاثة مستويات: مؤسساتي عبر الاتفاقيات واللجان المشتركة، تقني من خلال الدورات التكوينية وتبادل الخبرات، وعملياتي يترجم عبر تبادل المعلومات في التحقيقات المتعلقة بالهجرة غير النظامية، حيث يتلقى مكتب الأمن الداخلي بتونس حوالي 50 طلب تعاون سنويًا من نظيره الفرنسي.

كما لفت إلى أنّ الاتحاد الأوروبي يمول مشاريع كبرى في تونس بقيمة تناهز 51 مليون يورو، بينها برنامج لمراقبة الحدود تشرف عليه الشركة الفرنسية Civipol. وأكد أنّ أكثر من نصف التونسيين يتحدثون الفرنسية، وهو ما يعزز اعتماد تونس على فرنسا كشريك تقني مفضل.

وبخصوص التحديات، أقرّ الضابط الفرنسي بأنّ توازن التدفقات ما يزال لصالح الوافدين على تونس مقارنة بالمغادرين، ما يضع البلاد أمام ضغوط متزايدة في ما يتعلق بقدرات الاستقبال والإيواء. وشدّد على أنّ الأولوية تبقى دائمًا لحماية الأرواح في ظل تواصل مأساة الغرق في المتوسط، حيث سُجّلت 2,300 وفاة في 2024 على هذا المسار البحري.

واعتبر بلونيان أنّ علاقة تونس بفرنسا تتجاوز الجانب الأمني لتشمل أبعادًا اجتماعية وإنسانية، مشيرًا إلى أنّ أكثر من مليون تونسي يقيمون في فرنسا، أي ما يعادل واحدًا من كل عشرة تونسيين. وقال: «إنها علاقة تضامن وتكامل قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة»

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!