شهد ميناء سلقطة من ولاية المهدية ضجة كبيرة، بعد تداول صور وفيديوهات تُظهر بيع كميات من أسماك المنّاني بأحجام صغيرة جدًا، لا تتجاوز حجم كف اليد، في مخالفة صارخة للقوانين المنظمة لقطاع الصيد البحري وحماية الثروة السمكية في تونس.
وينصّ القانون التونسي على أن الحدّ الأدنى القانوني لصيد المناني هو 35 سم، مع تشديدات إضافية تم إقرارها بين 2024 و2025، خصوصًا فيما يتعلق بالصيد الترفيهي والغوص، حيث تم منع صيد الهامور نهائيًا إلا عبر رخصة خاصة، وذلك بهدف حماية الأنواع المُهددة بالاندثار.
وأكد مختصون في المجال البحري أن التشريعات التونسية تتماشى مع المعايير الدولية، حيث تفرض الولايات المتحدة مثلًا حدًا أدنى يفوق 61 سم للمناني الأسود و50.8 سم للمنّاني الأحمر، بينما تعتمد دول البحر الأبيض المتوسط، على غرار إيطاليا وإسبانيا، حجمًا مرجعيًا يقارب 45 سم. والغاية واحدة: تمكين الأسماك من النمو والتكاثر لضمان استدامة المخزون البحري.
لكن الواقع، وفق المتداول اليوم، يُظهر عكس ذلك. فقد انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي صور من سوق سلقطة لأسماك المناني صغيرة جدًا، عُرضت للبيع “بكل فخر”، رغم أنها لم تبلغ بعد مرحلة النضج البيولوجي.
وصف ناشطون هذه المشاهد بأنها “إبادة باردة للثروة البحرية” و“رمز لجشع يهدد مستقبل البحر”، متسائلين عن غياب الرقابة وعدم تطبيق القانون. وأكدوا أن مكان هذه الأسماك “هو البحر وليس السوق”.

وتشير بيانات محلية إلى تراجع خطير في المخزون السمكي في مناطق عدة، من بينها ولاية نابل التي سجّلت انخفاضًا يُقدّر بـ 60% خلال السنوات الأخيرة، بسبب جملة من العوامل: التلوث، الصيد الجائر، استعمال “الكركارة”، الشباك العشوائية التي تجرف السواحل، وعدم احترام فترات الراحة البيولوجية — إضافة إلى عدم احترام الأحجام القانونية للصيد.
ويطالب مهنيون وناشطون بيئيون السلطات بالإسراع في تفعيل الرقابة وتطبيق العقوبات على المخالفين، حفاظًا على الأنواع البحرية قبل أن يصبح الحديث عنها مجرد ذكرى.

