كشف إحصاء ميداني أُنجز في شهر جويلية 2025 عن وجود 1500 مبنى مهدّد بالانهيار في منطقة تونس الكبرى، من بينها أكثر من 500 مبنى مصنّف بدرجة “خطر مرتفع”، ما يطرح تهديدًا مباشرًا على سلامة السكان ويُسلّط الضوء مجددًا على عمق أزمة السكن والتخطيط الحضري في العاصمة.
وتتمركز أغلب هذه المباني في الأحياء القديمة والتاريخية، حيث أدى تقادم البنية العمرانية، وغياب الصيانة، والإهمال المزمن، إلى تدهور كبير في البنية التحتية، ما يستدعي تحركًا عاجلاً. ويبرز في هذا السياق ملف “المدينة العتيقة” و”باب جديد” و”الحفصية” و”حي الحلفاوين”، إلى جانب حالة خاصة تثير الجدل: حي “صقلية الصغيرة” وسط العاصمة، حيث تتكرر تساؤلات حول خلفيات التأخر في التدخل رغم الوضعية الخطيرة.
وطرحت بعض الأصوات المحلية، ومن بينها سكان ومهتمون بالشأن الحضري، تساؤلات حول ما إذا كانت بعض هذه الأوضاع تُترك عمدًا للتفاقم، ما يسهّل عمليات الإخلاء والاستحواذ لاحقًا على الأراضي، خاصة في المناطق ذات القيمة العقارية العالية، حيث لا يمتلك العديد من السكان عقود ملكية رسمية، ما يفتح الباب أمام تطبيق قوانين الإخلاء أو الهدم تحت غطاء السلامة العامة.
فهل يتعلق الأمر بسياسات حضرية عاجزة أم بترتيبات غير معلنة تُراعي مصالح أطراف بعينها من المستثمرين العقاريين والمضاربين؟ وهل تكتفي البلديات بدور المتفرّج، ؟
في المقابل، تؤكد البلديات أنها تتعامل مع ملف المباني الآيلة للسقوط ضمن الإمكانيات المتاحة، وتطالب بدعم مركزي وتمويل استثنائي يمكّنها من التدخل العاجل، خصوصًا في حالات الخطر الفوري، سواء عبر الإخلاء أو الترميم أو الهدم.
ويُعد ملف “السكن البديل” أحد أعقد الإشكاليات المرتبطة بهذه الظاهرة، إذ لطالما أثارت عمليات الإخلاء جدلاً اجتماعياً وحقوقيًا، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بسكان محدودي الدخل أو مقيمين بصفة غير رسمية، وسط غياب آليات واضحة للإيواء المؤقت أو إعادة الإسكان.

