تعيش ولاية قابس منذ أيام على وقع تصاعد التحركات المدنية والمطالبات الشعبية بوضع حدّ لأزمة بيئية خانقة تهدد حياة السكان، بعد تفاقم التسربات الغازية وحوادث الاختناق في صفوف التلاميذ والمواطنين.
وقد تفاعلت مع هذه التطورات منظمات مهنية وهيئات وطنية ومؤسسات محلية منتخبة، دعت جميعها إلى تدخل عاجل من السلطات لإنقاذ الجهة وإقرار حلول جذرية تضع صحة الإنسان فوق كل اعتبار.
في هذا السياق، دعا المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بقابس السلطات الجهوية والمركزية إلى “تدخل عاجل وفعّال للحد من مصادر التلوث وتقييم الأضرار الصحية والبيئية بالجهة”، مؤكداً ضرورة وضع خطة واضحة لحماية المواطنين من المخاطر الناتجة عن نشاط المجمع الكيميائي.
واعتبر المجلس أن “الوضع البيئي أصبح غير مقبول”، معبّراً عن استعداده الكامل للتعاون مع كل الأطراف لإيجاد حلول تحافظ على صحة وسلامة المواطنين.
من جهتها، أكدت الهيئة الوطنية للمحامين في بيانها أنّ “قضية التلوث في قابس هي قضية وطنية بامتياز”، داعية إلى “الوقف الفوري لكل الأنشطة الصناعية الملوّثة”، وتحميل الدولة مسؤوليتها في حماية الحق في الصحة والبيئة السليمة.
وشدّدت الهيئة على ضرورة إيجاد حلول مستدامة تراعي المصلحة العامة ومتطلبات التنمية الجهوية المتوازنة، مؤكدة استعدادها للوقوف إلى جانب الأهالي ومتابعة الأوضاع عبر فرعها الجهوي.
أما النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، فقد عبّرت عن “دعمها الكامل للحراك المدني السلمي في قابس”، معتبرة أنّ التحركات الأخيرة نموذج للمواطنة الواعية والدفاع المسؤول عن الحقوق البيئية والاجتماعية.
ودعت النقابة السلطات إلى “الكف عن المقاربات الأمنية والقضائية في التعامل مع الاحتجاجات السلمية”، مشدّدة على أنّ الحلّ يكمن في الحوار والشفافية واحترام حق المواطنين في التعبير والتنظّم السلمي.
كما حثّت الصحفيين ووسائل الإعلام على تغطية ما يحدث “بموضوعية وتوازن، بعيداً عن التعتيم أو الانتقائية”، مذكّرة بأن الإعلام العمومي “ملك لجميع المواطنين” وعليه نقل ما يجري بإنصاف وعمق.
وفي رسالة وُجّهت مباشرة إلى رئيس الجمهورية، عبّر المجلس المحلي لمعتمدية قابس المدينة عن قلقه الشديد من الوضع البيئي “الذي دمّر الواحة والبحر والهواء والمائدة المائية”، مؤكداً أن “نِسَب الأمراض الخبيثة ارتفعت حتى طالت الأجنة في الأرحام”.
وطالب المجلس باتخاذ “قرار وطني تاريخي يعيد الحقوق لأهالي قابس”، عبر:
- الإيقاف الفوري لنشاط الوحدات الكيميائية الملوّثة.
- تنفيذ مشاريع الحدّ من الانبعاثات السامة.
- محاسبة المقصرين في حماية الأرواح.
- وضع خارطة طريق لتفكيك الوحدات الصناعية الملوّثة.
- إعداد رؤية وطنية جديدة لقطاع الفسفاط توازن بين البيئة والاقتصاد.
وختم المجلس المحلي رسالته بالتأكيد على تمسّك أهالي قابس بالسلم الأهلي وبالحوار، مجدداً ثقته في تدخل رئيس الجمهورية “لاتخاذ القرار التاريخي المنصف لقابس، وإعادة الأمل لجهة أنهكتها عقود من التلوث والإهمال والتهميش”.

