ألقى الكاتب السعودي البارز عبد العزيز الخميس خطابًا وُصف بـ”التاريخي” أمام أعضاء الكنيست الإسرائيلي في جلسة استثنائية، تناول فيه ملامح رؤية جديدة للشرق الأوسط تتجاوز الصراع وتسعى إلى شراكة إقليمية قائمة على المصالح المشتركة.
في مستهلّ كلمته، قال الخميس إننا نعيش “لحظة لا تُشبه سواها في تاريخنا الحديث”، مشيرًا إلى أن ما بعد السابع من أكتوبر وحرب إيران–إسرائيل يمثلان منعطفًا استراتيجيًا حادًا للمنطقة بأسرها. وأضاف: “الشرق الأوسط يتغيّر، والسؤال: هل سنكون شركاء في تشكيل هذا التغيّر، أم ضحايا له؟”.
من الخليج: لا لمحور المقاومة… نعم لشبكة تعاون
وانتقد الخميس ما وصفه بـ”الجمود الأيديولوجي والتحالفات المتكلّسة”، مؤكدًا أن دول الخليج باتت مرهقة من الحروب بالوكالة ومن الطوارئ الدائمة، وأنها تتطلّع اليوم إلى الاستثمار، والاستقرار، والتكامل الإقليمي، لا إلى مزيد من الاستقطاب.
وقال: “الخليج لا يريد محور مقاومة، بل شبكة تعاون. ونسأل: هل يمكن أن تتحول إسرائيل من الردع إلى الشراكة؟”.
الموقف السعودي من غزة: لا تطبيع دون كرامة للفلسطينيين
وفي معرض حديثه عن القضية الفلسطينية، شدد عبد العزيز الخميس على أن السعودية لا ترى التطبيع مع إسرائيل إلا ضمن رؤية شاملة تضمن للفلسطينيين حقوقهم وسيادتهم. وقال: “غزة ليست فقط مأساة إنسانية، بل فشل استراتيجي. لا يمكن لدولة أن تطلب القبول الإقليمي بينما تترك جيرانها في قفص من الحصار والحرمان.”
واقترح الخميس مسارًا عمليًا يمر عبر إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح بشراكة إقليمية، وإسناد السلطة إلى إدارة تكنوقراطية انتقالية مدعومة دوليًا، مع تعهّد إسرائيلي واضح بالتعايش، لا فقط بالأمن.
دعوة مباشرة لإسرائيل: من الهيمنة إلى الاندماج
وتوجّه الخميس بكلام صريح إلى المسؤولين الإسرائيليين، داعيًا إلى التحوّل من عقلية “دولة الثكنة” إلى “رؤية الحوار”. وقال: “القوة التي لا تُستثمر من أجل السلام هي قوة مهدورة… طبّعوا لا كقوة احتلال، بل كجار راغب في السلام.”
وحذر من أن تجاهل هذه اللحظة الفارقة قد يكلّف إسرائيل ليس فقط فرص التطبيع مع السعودية، بل “الإجماع العربي الناشئ حول الاندماج الإقليمي”، بحسب تعبيره.
نحو خريطة جديدة للمنطقة
واختتم الكاتب السعودي خطابه بالدعوة إلى إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط على أسس جديدة، تقوم على التحوّل الطاقي، والتحديث الاقتصادي، والذكاء الاصطناعي، وأمن المناخ. وقال: “التطبيع ليس هزيمة، بل إعلان شجاع أن المستقبل يبنيه البناؤون لا المدمّرون.”
وأكّد أن هذه اللحظة يجب ألا تكون استسلامًا للماضي، بل فرصة لاختيار النور على حساب الظلام، في إشارة إلى ما وصفه بـ”لحظة السابع من أكتوبر الخاصة بنا”.

