بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، بدا أن الصين تتخذ موقفًا معاديًا لإسرائيل، حيث دعمت حماس، وظهرت موجة رسمية من معاداة السامية، إضافة إلى تصويتها ضد إسرائيل في الأمم المتحدة. لكن بعد بضعة أشهر، بدأت بكين في التراجع عن موقفها وإعادة ترميم علاقتها بإسرائيل، نظرًا لدورها المهم في سياسات الصين الإقليمية، خصوصًا في المجالات الاقتصادية، الدفاعية، والتكنولوجية.
تاريخيًا، اعترفت إسرائيل بجمهورية الصين الشعبية مبكرًا، لكن لم يتم إقامة علاقات دبلوماسية حتى عام 1992 بسبب التزامات الصين تجاه العالم العربي والإسلامي. رغم ذلك، فإن إسرائيل أصبحت لاعبًا رئيسيًا في الاستراتيجية الصينية في الشرق الأوسط، ليس فقط سياسيًا، بل بالأساس اقتصاديًا وتكنولوجيًا. عقب هجوم حماس، لم تُدن بكين صراحةً الهجوم، بل طالبت إسرائيل بوقف الرد العسكري.
رغم أن الصين لطالما كانت حذرة من الإسلاموية المتطرفة، فإنها لم تصنف حماس كمنظمة إرهابية. بدلًا من ذلك، ألقت باللوم على إسرائيل في تأجيج الصراع بسبب سياساتها، بل ودعمت “حق العودة” الفلسطيني، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في موقفها. كما شهدت الصين موجة من معاداة السامية في وسائل التواصل الاجتماعي، بتصريحات عدائية ضد اليهود، الأمر الذي زاد من توتر العلاقات.
ومع ذلك، لم تتبنّ الحكومة الصينية رسميًا هذه الآراء، وظلت المواقف الرسمية أكثر حذرًا. الاقتصاد والتجارة: رغم الخلافات السياسية، فإن العلاقات الاقتصادية بين الصين وإسرائيل استمرت بقوة. الأرقام تُظهر أن التجارة الثنائية تظل قوية، رغم بعض التراجع في 2023. الصين تستورد من إسرائيل بشكل كبير، خاصة في التكنولوجيا، حيث تعد إسرائيل شريكًا تجاريًا مهمًا يفوق بعض القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا.
في 2022، بلغ حجم التبادل التجاري 25.35 مليار دولار، متجاوزًا دولًا كبرى في المنطقة.و تستثمر الصين في مجالات متعددة في إسرائيل، مثل التكنولوجيا، البنية التحتية، والصناعات الكيميائية.
العمالة الصينية في إسرائيل تتفوق على أي دولة أخرى في الشرق الأوسط.
العلاقات الدفاعية والتكنولوجية: إسرائيل لعبت دورًا رئيسيًا في تحديث الجيش الصيني منذ السبعينات، حيث باعت بكين معدات وتقنيات عسكرية متقدمة، مما ساهم في تطوير الصناعات الدفاعية الصينية. ولكن منذ التسعينات، واجهت هذه العلاقة عراقيل بسبب ضغوط واشنطن التي منعت تل أبيب من بيع بعض المعدات لبكين.
الاستنتاج: رغم موقف الصين المعلن تجاه إسرائيل بعد 7 أكتوبر، فإن هذا لا يعكس عداءً استراتيجيًا حقيقيًا. السياسة الصينية براغماتية وتستهدف الحفاظ على مصالحها الاقتصادية والجيوسياسية. لا تزال بكين ترى في إسرائيل شريكًا رئيسيًا في الابتكار والتكنولوجيا، مما يضمن استمرار العلاقة بين البلدين رغم التوترات السياسية. الخلاصة: العلاقة بين الصين وإسرائيل معقدة ومتوازنة بين الاعتبارات السياسية والمصالح الاقتصادية. بينما تستخدم الصين تصريحاتها لدعم العالم الإسلامي، فإنها لا تزال تعتبر إسرائيل شريكًا حيويًا لا يمكن الاستغناء عنه.