الرئيسيةآخر الأخبارمحسن مرزوق : فلنعترف بأخطائنا

محسن مرزوق : فلنعترف بأخطائنا

تحت عنوان ظالمون ومظلومون وجه السياسي محسن مرزوق هذه الرسالة الى الطبقة السياسية التونسية جاء فيها “

أصدقائي وغير أصدقائي في الأحزاب والإعلام والمجتمع المدني وباقي النخب التي يجمع بينها أنها كانت أو ما زالت فاعلة في الحياةالعامة وأنها الآن تعتبر نفسها معارضة للرئيس قيس سعيّد،

بعد التحية

لا شك أن جانبا كبيرا من الطبقة السياسية والاعلامية يعيش ظلما شديدا في السجن أو المنفى أو يخضع للعسف والتقييد لحريته بينماالبعض الآخر مستسلم للخوف. كما أن جانبا كبيرا منها منخرط في النضال من أجل رفع الظلم ويستحق على ذلك الشكر والثناء.

حسنا، هذا كله يجعل كتابة هذه الرسالة النقدية لكم في هذا الظرف صعبة أخلاقيا (خاصة لأن عددا كبيرا من الناس في السجن) ومعقدة سياسيا. ومن عناصر تعقيدها أنّني محشورمعكم في النازلة لذلك فإن رسالتي موجهة لي أيضا. فيها أحادثني وأحادثكم.

دافع رسالتي وكنهها هو أنّني أعتقد بإخلاص أنّنا إن لم نعترف بأخطائنا، والتي ساهمت بقدر كبير جدا في وصول الوضع بالبلاد لما هوعليه، فلا مشروعية لنا لكي نندرج في محاولة الإصلاح.

لقد ساهمت الحياة السياسية العفنة منذ الثورة وإلى يومنا هذا، والتي كنا جميعا فاعلين فيها نحن ومن يحكم الان، في حدوث ما حدث.

– فالشعبوية كانت تجارة رابحة في السلطة والمعارضة، من شعار الاسلام هو الحل ! إلى شعارات أين البترول وأين الملح ؟ فلماذانعجب بعد سنوات من جلد الرأي العام بها من تضخمها إلى الحدّ الي بلغته اليوم وهي في الحكم

– كما أن استعمال خطاب المؤامرة لتشويه الخصوم أو لوصف الواقع السياسي كان أيضا رائجا بشدة. تذكرون إشاعات لا قواعدالعسكرية الأمريكية سرية وبيع الوطن…وعالم كامل من الاشباح. وهو نفس الخطاب الذي هو الان ركيزة للحكم.

– أمّا اعتبار الخلاف مع الخصوم قضية حياة أو موت تتطلب التصفية والعمل على بقاء فرقة ناجية واحدة وفناء الباقي، هذا أيضا كانسائدا ومتواترا.

– أمّا عبادة الشخصية وتأليه الزعماء فلا أدلّ عليها من بقاء بعضهم رؤساء لاحزابهم عقودا بينما أنصارهم يطلقون عليهم ألقابًا لانطلق إلا على زعماء غيروا التاريخ

– أمّا في غياب الكفاءة كشرط للحكم، فألم يفعله كل من حكم سابقا؟ حتى من لم يحكم! انشر الواقع في الأحزاب وانظر طبيعةالترشحات لانتخابات رئاسة الجمهورية دليلا وعبرة.

– أما رفض الحوار والتوافق، أليس هذا بذاته ما يغيب عن عائلات سياسية متقاربة لم تنجح أبدًا في كل مرة في الاتفاق على مرشحواحد للانتخابات الرئاسية رغم أنه لا فرق بينها يمنعها من ذلك غير بؤس الفكر ولعنة الذات المتضخمة؟

– والحرية التي نعلن جميعا صباحا ومساء أنّها المطلوبة المرغوبة؟ ماذا فعلنا بها لما كانت لنا؟ مشاهد مقرفة وصراعات و”بوزات” فيالإعلام والبرلمان جعلت الناس تكفر بها….

والقائمة طويلة

صرت أنتفض كلما أسمع سؤالا من نوع: يا إلاهي كيف يحصل هذا لنا اليوم؟ نحن لا نستحق هذا…إلخ.

نعم، تونس لا تستحق هذا أما نحن، فنحن من ساهم في صناعته.

إنه التجسيد الأمثل لكل لكوارث أنتجنا نحن بعضها، تراكمت وتصلّبت ثم انتصبت، لا على الهامش، بل في قلب السلطة.

لهذا، فإنّ أوّل خطوة للتغير ستأتي منّا داخلنا، حيث بدأ التعفّن.

ولا يفيد أن نقول فقط أننا ضحايا للظلم. نعم نحن كذلك ولكن طالما لم نعالج أخطاءنا فنحن ظالمون كامنون. وسنعيد نفس الاخطاء إذن.

لا شيء يبرّر الظلم طبعا. ولا أبرّره. أرفضه وأتضامن مع ضحاياه. ولست أقول هذا لكي يجد الظالمون تبريرا لظلمهم.

ولكننا أيضا ضحايا أخطاءنا.

أعرف طبعا أن كل ما فعلناه ليس سيئا. وفي كل الحالات ليس أسوأ مما نرى اليوم. ويستطيع كل واحد منّا أن يعدّد عددا من إنجازاتهالإيجابية. ولكن ما الفائدة من استعراض نجاح أو نجاحين في معركة تكون نتيجتها الهزيمة؟.

الطبقة السياسية التي أثثت المشهد بعد الثورة هزمت. هزمتها أخطاؤها وعليها أن تنظر فيها وتصلحها. علنا. بكل تواضع وشفافية. وهذهأهمّ وأصعب معركة. ولكن لا بدّ من كسبها.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات

error: Content is protected !!