يتابع التونسيون المقيمون بالخارج بقلق الخطوات النهائية لاعتماد مشروع أوروبي جديد لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي سيدخل حيز التنفيذ سنة 2026، ويهدف إلى إخضاع جميع البنوك الأجنبية العاملة في الاتحاد الأوروبي لنفس معايير الشفافية والرقابة الصارمة.
ويخشى أن يؤدي هذا التوجه إلى ارتفاع كلفة التحويلات نحو في وقت تمثل فيه هذه التحويلات أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني ومصدراً أساسياً للعملة الصعبة.
ينبع هذا التوجه الأوروبي من رغبة استراتيجية لإنهاء حالة التشتت في قوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب بين الدول الأعضاء. ففي السابق كانت كل دولة تطبق التوجيهات الأوروبية بطريقتها الخاصة، وهو الوضع الذي كان يسمح بوجود ثغرات يستغلها المتورطون في الأنشطة المالية غير المشروعة عبر البحث عن الدولة ذات القوانين الأقل صرامة.
ويهدف التوجه الجديد، الذي يشمل إنشاء هيئة أوروبية مركزية لمكافحة غسيل الأموال (AMLA)، إلى توحيد قواعد الرقابة وتطبيقها بشكل صارم ومتساوٍ على جميع المؤسسات المالية العاملة داخل الاتحاد، بما في ذلك فروع البنوك الأجنبية. المبدأ الأساسي هو حماية سلامة السوق الموحدة، وضمان عدم وجود أي حلقة ضعيفة في المنظومة المالية الأوروبية عبر إخضاع الجميع لنفس المعايير العالية من الشفافية والرقابة.
المشروع الجديد، المقرر دخوله حيز التنفيذ سنة 2026، يندرج ضمن سياسة الاتحاد الأوروبي الرامية إلى توحيد معايير الحوكمة والامتثال بالنسبة للبنوك الأجنبية التي لها فروع داخل أوروبا، بما في ذلك بنك تونس الخارجي TF Bank الذي يعمل بفرنسا.
ووفق معطيات البنك المركزي التونسي، بلغت تحويلات التونسيين بالخارج 4.6 مليارات دينار (1.8 مليار دولار) حتى 20 جويلية 2025، مسجلة زيادة بـ 8.2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما يبرز دورهم الحيوي في دعم المالية العمومية وتغطية جزء من العجز التجاري.
ويرى خبراء أن أي زيادة في كلفة التحويلات قد تنعكس سلباً على حجم الأموال المرسلة، داعين إلى حلول بديلة واتفاقيات ثنائية تضمن استمرار تدفق هذه الموارد دون عراقيل.
ويبقى هناك حل وحيد وهو التوجه نحو الرقمنة وربط تحويلات التونسيين في الخارج بين البنوك الأوروبية والبنوك التونسية، بما يضمن تقليص الكلفة وتيسير العملية. غير أن الأمر يتطلب معالجة جدية وعاجلة قبل نهاية السنة على أبعد تقدير”.

