هذه ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الجانب الصيني اهتمامه باستغلال فسفاط ستراورتان بالكاف فالأمر يعود الى سنة 2018 ثم تتالت الزيارات لهذه الموقع وتغيرت أسماء الشركات الصينية المهتمة بالمشروع .
ويوم الخميس 3 أفريل 2025 أكد مسؤولو الشركة الصينية للاستثمارات الدولية ” آسيا بوتاس” اهتمامهم بالاستثمار في قطاع التعدين في تونس لا سيما الفسفاط بولاية الكاف وبناء مجمع صناعي منجمي.
وتوقع مسؤولو الشركة الصينية، خلال لقاء جمعهم، بالمديرالعام لوكالة الاستثمار الخارجي، جلال الطبيب، استخراج مليون طن من الفسفاط في مرحلة أولى ليصل إلى 8 ملايين طن على المدى المتوسط وباستثمار يصل إلى 800 مليون دولار أمريكي، وفق بلاغ نشرته وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، يوم الجمعة. و”آسيا بوتاس” الدولية للاستثمار هي شركة متخصصة في تعدين البوتاسيوم وتطوير القطاع الفلاحي وتعمل على تطوير صناعة الفسفاط في جميع انحاء العالم .
كما يشمل نطاق عمل شركة “آسيا بوتاس الدولية للاستثمار”، الشحن الدولي للسلع السائبة مثل الفحم والحديد الخام، بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية. وترأس الوفد صيني من شركة “آسيا بوتاس”، نائب رئيس ادارة التنمية الصناعية، يو باولي، ومدير الاستثمار في تطوير التعدين، هومنغ فايمن. وثمن مدير عام هيئة الاستثمار الخارجي، جلال الطبيب، من جهته، اختيار المجمع الصيني تونس للاستثمار فيها بناء على شراكة مربحة للطرفين مشددا على التزام تونس بدعم المستثمر الأجنبي، وفق بلاغ الهيئة.
والاهتمام الصيني بمشروع فسفاط سراورتان يعود الى سنة 2018 وهي الجهة الوحيدة التي قدمت عرضا لاستغلال هذا الموقع المنجمي الذي يحتوي على مدخّرات هامة من الفسفاط ذي الاستغلال السطحي تبلغ حسب التقديرات الأوّلية 10 مليارات طن وهو ما يعتبره الخبراء في المجال من أكبر المناجم في العالم والذي تصل مدة استغلاله إلى عدة عقود متتالية.
و تقدّمت الصين في ذلك التاريخ بعرض يحتوي على 800 صفحة وقد انطلقت في حينه دراسته للنظر في إمكانية منح رخصة الاستغلال وقال والي الجهة انذاك منور الورتاني أنه يجري النظر في كل الجوانب المتصلة بالمشروع لا سيما من حيث المردودية الاقتصادية والانعكاسات البيئية التشغيل وما يتطلبه كذلك استغلال المشروع من مياه قدّرت حسب الدراسة الأولية التي أنجزتها في الغرض الأطراف التونسية بثلاثين مليون متر مكعب في صورة اللجوء إلى فرضية المعالجة والتحويل على عين المكان للمنتوج.
وسيمكّن المشروع حسب هذه الصيغة الأخيرة من توفير أكثر من ألفى موطن شغل وهو ما اعتبره الإتحاد الجهوي للشغل خيارا استراتيجيا وجب التمسّك به لدفع قطاع التشغيل حيث طالب الكاتب العام للإتحاد الجهوي للشغل إبراهيم القاسمي بحضور الرئيس المدير العام لشركة فسفاط قفصة انذاك عبد اللطيف حمام التي تدير قطاع الفسفاط على تمسّك المنظمة الشغيلية بهذا المشروع الضخم الذي قال إنّه بامكانه أن يساهم في إيجاد حلول للتشغيل في الجهة على حد تعبيره.
من جهتها نبّهت بعض الجمعيات والأطراف المهتمة بالملف البيئي بضرورة العناية بهذا الجانب في صورة انطلاق استغلال المشروع على الصيغ التقليدية المعتمدة في الغرض وذلك رغم ما شهده نمط الاستغلال من تطوير كبير يراعي كل الجوانب البيئية ويحدّ بصفة كبيرة من التلوّث ومن الجوانب المؤثّرة في المحيط المباشر سواء على الصحّة الإنسانية أو الإنتاج الفلاحي.
وبعد 6 سنوات عن هذا العرض التقت رئيسة ديوان وزارة الصناعة والمناجم والطاقة أحلام السايب يوم 4 جانفي 2024 بمقر الوزارة وفداً من الشركة الصينية العربية للأسمدة الكيماوية “SACF” برئاسة نائب المدير العام وانغ جين مينغ ممثلاً للشركة الأم “China BlueChemical”.
واعلنت الوزارة في ذلك الوقت بأن “هذا اللقاء يعد فرصة لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي بين الطرفين، خاصة في مجال الأسمدة والتعدين. وعبرت الشركة عن اهتمامها بشكل خاص بمشروع استغلال فوسفات سرورتان في إطار شراكة مع تونس، بعد تجربتها الناجحة مع المجمع الكيميائي التونسي لشركة “SACF”.
يشار إلى أن منجم “سراورتان” يقع في منطقة القصور جنوب مدينة الكاف حيث يبعد 40 كم عن مركز الولاية، ويزخر بكميّات هامّة من الفسفاط تقدّر بــ10 مليارات طن، وفق ما جاء في وثيقة للمجمّع الكيميائي التونسي قُدّمت سنة 2009 للوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة.
ووفقا لعدد من الخبراء في المجال اتصلت بهم تونيزي تيليغراف فان ” الصين لها القدرة المالية والتكنولوجية والتمركز في الأسواق العالمية بما في ذلك إفريقيا والمواجهة الحالية في العالم يمكن أن نجد فيها فرص ثمينة. المشروع مهم والمبلغ المعلن وطاقة الإنتاج تبدو مناسبة لمجمع صناعي متكامل.
يبقى النظر في البنية الأساسية نقل الفسفاط كيف وإلى أي ميناء بحري. المخزون في الكاف ضخم ويتطلب تكنولوجيا مغايرة لقفصة وهي معروفة تقنيا. تخصص الطرف الصيني في البوتاسيوم مهم جدا فنحن لا ننتجه وهو أساسي في الأسمدة. لو تم هذا المشروع مع الطرف الصيني فتونس يمكن أن ترجع بقوة للسوق الدولية.” ويضيف مصدرنا ” المياه الضرورية للإنتاج أكثر سهولة من توفيرها في الجنوب. “
واكد لنا مسؤول سابق متخصص في ميدان الطاقة فانه قد ” وقع البحث عن مستثمرين أجانب منذ سنوات لكن بدون جدوى فالمشروع يحتاج الى طاقات مالية هائلة اضافة الى الحاجة الى توفير سكة حديدية لنقله فضلا عن استهلاكه المهول للمياه ”