الرئيسيةآخر الأخبارمشروع قانون لإلغاء المناولة : نعمة أم نقمة ؟

مشروع قانون لإلغاء المناولة : نعمة أم نقمة ؟

خلال اشرافه على مجلس وزاري يوم الخميس الماضي للنظر في مشروع قانون يتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الشغل انتقد رئيس الجمهورية قيس سعيّد المقاربات السابقة التي وصفها بأنها قائمة على “الترقيع والرتق”، مشدداً على أن المطلوب اليوم ليس حلولاً جزئية أو إصلاحات سطحية، بل قطيعة تامة مع الماضي الذي وصفه بـ”البغيض”. وأشار إلى أن مجلة الشغل شهدت تعديلات في مناسبتين، خلال سنتي 1994 و1996، لكنها اعتمدت حينها نظاماً وصفه بأنه أشبه بنظام العبودية.

كما استنكر رئيس الجمهورية ما اعتبره استغلالاً للعمال وحقوقهم، مذكّراً بأنه تم الإعلان في مارس 2024 عن إنهاء نظام المناولة، غير أن بعض الأطراف حاولت الالتفاف على هذا القرار إما عبر إنهاء عقود العمل محددة المدة أو برفت عدد من العمال.

هذا المشروع الذي أحيل الى مجلس نواب الشعب يوم الجمعة الماضي خلف مخاوف كبيرة لدى عدد من الخبراء الاقتصاديين حتى انه هناك من حذر من تبعاته على مستوى الاستثمارات الأجنبية في تونس

فوزير التشغيل السابق فوزي عبد الرحمان أشار لدى تدخله ببرنامج “ايكو ماغ“،باذاعة أكسبريس أف أم إلى وجود عديد التجاوزات في تطبيق المناولة، لكن لم يتم تطبيق القانون لمنع هذه التجاوزات وفق قوله.

وأوضّح ضيف البرنامج، أنّ مشروع القانون لم يلغ المناولة بصفة عامة بل ألغى مناولة اليد العاملة (التنظيف، والحراسة، والطبخ..) التي تتعامل بها المؤسسات الأجنبية المُستقرة في تونس، معتبرا أنّ هذا القانون سيكون له تأثير على الإستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأفاد في ذات السياق، بأن المؤسسات الاقتصادية تلجأ إلى المناولة والاستعانة بمؤسسات خدماتية لإدارة الوظائف الجانبية بهدف تحسين التركيز على تخصصاتها الاقتصادية وتنمية قدراتها التنافسية في السوق.

وقال وزير التشغيل الأسبق، “إنّ المبدأ العام في التشغيل في بلدان العالم،هي إضفاء المرونة على سوق الشغل لجعلها أكثر قدرة على النشاط..وأنّ  التضييق في القوانين يساهم في ارتفاع نسبة البطالة”.

وخلص فوزي عبد الرحمان بالقول إلى، أن التعديلات الجديدة التي يُتوقع إجراؤها في قانون العمل صيغت بعقل قانوني وإداري بحت ولا تنتمي للعقل الاقتصادي.مرجحاً أن يتسبب ذلك في زيادة نسب البطالة وموجات تسريح العمال.

من جهته غرد غازي بن أحمد أستاذ الاقتصاد التونسي بجامعة مونبيلييه الفرنسية عبر منصة X ليقول أن مشروع قانون العمل الجديد الذي أقره مجلس الوزراء كارثة اقتصادية. أي سياسات متهورة هذه؟ فبينما قد يوفر الأمن الوظيفي نظريًا، فإن الارتفاع الحتمي في تكاليف العمالة سيُشلّ الشركات القليلة المتبقية التي لا تزال قائمة. صحيحٌ أنه سيتم إلغاء العقود محددة المدة، ولكن سيُلغى الأمر نفسه بالنسبة للعديد من الشركات التي كان بإمكانها توظيف عمال في المقام الأول.

هذا يُعادل اقتصاديًا ضمان التوظيف مدى الحياة في اقتصاد خالٍ من الوظائف، تمامًا مثل تجديد محطة قطارات عندما لا يكاد يوجد أي قطارات تعمل. في الواقع، هذا بالضبط ما يحدث في محطة برشلونة، التي ستُرمم قريبًا بشكل جميل بينما يتدافع الركاب للحصول على مقاعد في 22 قطارًا عاملًا من أصل 100.

برافو! لقد تحولت تونس رسميًا إلى بيروقراطية غير منتجة مملوكة للدولة، حيث تحل الرمزية محل الجوهر، وتتجاهل قرارات السياسات الواقع الاقتصادي.”

نظر مجلس الوزراء، خلال اجتماعه الذي أشرف عليه رئيس الجمهورية قيس سعيّد،يوم الخميس، في مشروع قانون يتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الشغل، متعلقة بمنع مناولة اليد العاملة وتجريمها مع حفظ حقوق من تم انهاء عقود شغلهم معيّنة المدة ومن تم فسخ عقود مناولتهم.

الباب الثاني من مشروع القانون والمتعلّق بمنع المناولة، نصّ على إلغاء العمل بمبدأ مناولة اليد العاملة، الذي كان يسمح بإبرام عقود بين مؤسسات مؤجرة لليد العاملة ومؤسسات مستفيدة.

ووفقًا لمقتضيات القانون الجديد، يُعتبر أي عقد يهدف إلى تشغيل الأجراء عبر مؤسسة وسيطة غير قانوني، ويعرّض كلا من المؤسسة المشغّلة والمستفيدة إلى عقوبات مالية وحتى عقوبات بالسجن في حالة العود.

وحدَّد المشروع خطية تقدّر بـ10 آلاف دينار على كل شخص طبيعي يخالف هذا المنع، مع مضاعفة الغرامة إذا كان المخالف شخصية معنوية (شركة أو مؤسسة)، أما المسؤول القانوني للمؤسسة المخالِفة، فيتحمّل المسؤولية شخصيًا، مع إمكانية الحكم عليه بالسجن لمدة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر في حالة العود.

وبموجب الأحكام الجديدة، يُعتبر جميع العمال الذين كانوا يشتغلون في إطار مناولة اليد العاملة مرسمين مباشرة في المؤسسة المستفيدة من خدماتهم، اعتبارًا من تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ. كما يتم احتساب الأقدمية المكتسبة في إطار المناولة ضمن الأقدمية العامة، شريطة أن تكون العلاقة الشغلية منتظمة دون انقطاع يتجاوز سنة.

مقابل ذلك ثمّن الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل والناطق الرسمي باسمه سامي الطاهري، مشروع قانون تنقيح مجلة الشغل الذي قال إنه سيرفع ظلما كثيرا عن العمال

وقال الطاهري، لدى مداخلته في برنامج “هنا تونس”باذاعة ديوان أف أم يوم الجمعة 14 مارس، الجاري ”  إن أي تنقيح يتعلق بدعم مكاسب العمّال ويعزز الحماية التشريعية والقانونية لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن الا أن نثمنه.

وأكد الأمين العام المساعد، أن  الاتحاد يساند تنقيح مجلة الشغل برمتها باعتبار أن المجلة تتضمن جملة من النقائص تتعلق بالطرد والتعويض والمخاطر المهنية، مشددا على أن الأهم في مشروع القانون الجديد هو التحسب للمشاكل والمخاطر  التي يمكن أن تطرأ في مجال التطبيق على أرض الواقع”

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!