كنا قد أعلنا يوم 25 مارس الماضي أن التعيين الملكي لحسن طارق، السفير السابق للمملكة المغربية في تونس، على رأس مؤسسة دستورية “وسيط المملكة المغربية” غذّى احتمالات رائجة، مؤخرا، عن “مؤشرات متواترة عن أزمة صامتة” بين البلدين المغاربييْن،
ولكن هل هذا يعني أن العلاقات الديبلوماسية قد تم قطعها نهائيا .. الأكيد لا فلا الطرف التونسي أعلن عن ذلك
ولا الطرف المغربي أيضا. فالنشاط القنصلي والتبادل التجاري وأيضا خطوط الطيران مازلت متواصلة في الاتجاهين
وحسب المعهد الوطني للاحصاء فقد سجلت المبادلات التجارية التونسية فائضا مع المغرب خلال شهر جانفي 2025 بما قيمته (79,4 م د)
وفي أوت الماضي نشرت وكالة الأنباء التونسية، أن وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، محمد على النفطي، تلقى اتصالاً هاتفياً من نظيره المغربي ناصر بوريطة.
وذكرت الوزارة في بلاغ ان النفطي تلقى اتصالا هاتفيا من قبل وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، تم خلاله “التأكيد على عمق ومتانة الروابط الأخوية التي تجمع بين الشعبين الشقيقين والحرص المشترك على مزيد دعم أواصر التعاون بين الجمهورية التونسية والمملكة المغربية الشقيقة في مختلف المجالات”.
وهنأ ناصر بوريطة محمد علي النفطي بتعيينه وزيرا جديدا للشؤون الخارجية.
ولم يتوقف البلدان عن بعث رسائل ايجابية كان اخرها لقاء خاطف جمع وزير الخارجية السابق نبيل عمار برئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش يوم 15 أوت الماضي على هامش الاحتفال الدولي بذكرى بـ” ذكرى إنزال بروفانس” في فرنسا.
ويوم 30 جويلية الماضي نقلت وزيرة المرأة والأسرة السابقة أمال موسى بلحاج مشاعر تقدير الرئيس قيس سعيد سعيد الى العاهل المغربي محمد السادس وذلك حضورها حفل الاستقبال الذي أقامه القائم بالأعمال المغربي في تونس بمناسة الذكرى ال25 لاعتلاء محمد السادس العرش .
أمال بلحاج موسى تحدثت عن خلال كلمة ألقتها بالمناسبة عن عمق العلاقات الأخوية بين تونس والمملكة المغربية ” التي تتجلى في التعاون المستمر في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية “
مقابل ذلك لا بد من التأكيد على أن السفير التونسي محمد بن عياد الذي تم استدعاؤه الى تونس لن يعود بدوره الى المغرب سوف لن يعود الى الرباط في جميع الأحوال
وذلك بسبب انتهاء مهامه هناك وكان من المنتظر ان يعود الى تونس يوم 15 سبتمبر 2022 ولا يعرف ما اذا ستقوم الخارجية بتعويضه أم لا .
وكان بن عياد قدم أوراق اعتماده للملك المغربي محمد السادس يوم 24 أوت 2018
هل تم سحب السفير نهائيا
كل ما في الأمر ان قرار الملك يمكن فهمه على أنه اجراء اداري ليس الا ولكن مقابل ذلك لا بد من الاعتراف بأن العلاقة السياسية بين البلدين تمر بحالة جمود غير مسبوق .
وقال موقع هسبريس المغربي أنه بمناسبة “20 مارس” المصادف لذكرى عيد استقلال تونس، بدا لافتا غياب برقية التهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيسها سعيد؛ ما أذكى قراءات كثيرة متعددة المسارات غير أنها تَقتسم “مؤشرات توتر متواتر وممتد”.
وقال هشام معتضد، محلل الشؤون الاستراتيجية باحث في العلاقات الدولية للموقع المغربي إن “غياب السفير المغربي عن تونس ليس مجرد مسألة دبلوماسية تقنية، بل هو جزء من قراءة استراتيجية أشمل للمشهد السياسي المغاربي”، أضاف المتحدث ذاته الذي لفت إلى أن “المغرب، الذي يعتمد سياسة خارجية تقوم على الوضوح والندية، قد يكون أرسل رسالة مفادها أن إعادة تقييم العلاقات مع تونس مرهونة بتغيير حقيقي في موقفها الإقليمي، خاصة فيما يتعلق بملفات تتقاطع مباشرة مع المصالح المغربية، سواء على مستوى العلاقات الثنائية أو داخل المنظمات الإقليمية”.
ومن منظور أوسع، سجل معتضد أن العلاقات المغربية التونسية “تمُر بمرحلة إعادة تشكل، حيث لم يعد بالإمكان الحديث عن تقارب طبيعي في ظل التباعد الكبير في الخيارات السياسية والاستراتيجية بين البلدين”.
واسترسل الباحث في العلاقات الدولية مفسرا: “فالمغرب تبنى خلال السنوات الأخيرة مقاربة دبلوماسية قائمة على تنويع الشراكات الإقليمية والدولية، بينما اتجهت تونس نحو انغلاق سياسي ودبلوماسي جعلها أقرب إلى محور يتعارض مع المصالح المغربية. وعليه، فإن استمرار الجمود قد يكون أداة ضغط غير مباشرة، لإبراز أن إعادة ضبط العلاقات لن تكون ممكنة إلا إذا استعادت تونس توازنها الاستراتيجي”.
وفي أوت 2022 استدعى المغرب سفيره لدى الجمهورية التونسية، حسن طارق، على أثر استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيد، زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، الذي يشارك في قمة أفريقية يابانية.
وقرر المغرب مقاطعة قمة “تيكاد” (منتدى التعاون الياباني الإفريقي) التي تحتضنها تونس، وفق بيان لوزارة الخارجية المغربية.
وأعربت تونس في بلاغ صادر عن وزارة الشؤون الخارجية عن استغرابها الشديد من القرار المغربي الذي كان مرفوقا ببيان فيه “تحامل غير مقبول على الجمهورية التونسية ومغالطات بشأن مشاركة وفد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في ندوة طوكيو الدولية للتنمية في إفريقيا التي تحتضنها بلادنا يومي 27 و28 اوت 2022”.
وشددت على “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام خياراتها، مؤكدة أيضا رفضها التدخل في شؤونها الداخلية وعلى سيادة قرارها الوطني”.
وأضافت أنها “حافظت على حيادها التام في قضية الصحراء الغربية التزاما بالشرعية الدولية، وهو موقف ثابت لن يتغير إلى أن تجد الأطراف المعنية حلاّ سلميا يرتضيه الجميع”، كما أوضحت أنها “تَلتزم تونس بقرارات الأمم المتحدة، ومُلتزمة أيضا بقرارات الاتحاد الإفريقي التي تعدّ بلادنا أحد مؤسّسيه”.