تشهد الطرقات التونسية في السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في الحوادث المرورية الناجمة عن استعمال الدراجات النارية، وخاصة تلك الدراجات النارية الصينية التي يطلق عليها تسمية “فورزا”، التي باتت مصدر قلق حقيقي للسلطات ولمستعملي الطريق على حد سواء. فقد تحوّلت هذه الدراجات إلى وسيلة نقل واسعة الانتشار، لكنها في المقابل أصبحت مرتبطة بحوادث قاتلة ومآسٍ إنسانية تتكرر يومًا بعد آخر وهو ما حمل الفرق الأمنية المختصة تكثيف الدوريات واخضاع العديد من هذه الدرجات لاختبارات الوكالة الفنية للنقل البري .
“فورزا”… خفة وسرعة قاتلة
رغم حجمها الصغير وسعرها المعقول، إلا أن دراجة “فورزا” تملك محركًا قويًا بسعة 110 سم³ وتصل سرعتها إلى 130 كلم/س، ما يجعلها واحدة من أسرع الدراجات في فئتها. هذه الخصائص، التي تبدو جذابة للعديد من الشباب، تُعد من أبرز أسباب خطورتها، حيث أنها غير متوازنة ميكانيكيًا عند هذه السرعات، خصوصًا في غياب الخبرة أو تجاهل أبسط معايير السلامة مثل ارتداء الخوذة الواقية اضافة الى أن العديد من أصحاب هذه الدراجات لا يمتلكون البطاقة الرمادية لهذه الدراجات .
وقد نبه فنيون مختصون في الميكانيك إلى أن هيكل هذا النوع من الدراجات النارية لا يتحمل السرعات العالية، مما يجعلها عرضة للانقلاب والانزلاق بسهولة، خاصة على الطرقات التونسية المهترئة أو غير المعبدة. كما أن نظام الفرملة فيها غالبًا لا يتناسب مع قوة المحرك وسرعة الأداء، مما يزيد من احتمالات فقدان السيطرة في المنعرجات أو أثناء الكبح المفاجئ.
مآسٍ تتكرر… ووعي غائب
خلف هذه الخصائص التقنية، تبرز تجارب مأساوية يومية:
- حالات وفاة مباشرة إثر اصطدام دراجات “فورزا” بسيارات أو شاحنات.
- إصابات بليغة على مستوى الرأس بسبب غياب الخوذة.
- صدامات جماعية تخلّف أضرارًا جسيمة في الأرواح والممتلكات.
وتتكرر هذه الحوادث خصوصًا في مناطق مثل صفاقس، بوحجلة، القيروان وغيرها من المدن التي تشهد انتشارًا واسعًا لهذا النوع من الدراجات.
القوانين موجودة… لكن التطبيق ضعيف
رغم هذه المخاطر، فإن تطبيق القوانين المنظمة لاستعمال هذا النوع من الدراجات لا يزال محدودًا. ويُذكر في هذا السياق أن الأمر الحكومي عدد 510 لسنة 2021 المؤرخ في 18 جوان 2021، قد نصّ بوضوح على ضبط أصناف رخص السياقة وشروط تسليمها وصلاحيتها وتجديدها، وهو ما يشمل أيضًا سائقي الدراجات النارية.
لكن واقع الحال يكشف أن كثيرًا من مستعملي “فورزا”، خاصة في صفوف الشباب والقُصّر، لا يمتلكون رخص سياقة قانونية، ولا يخضعون لأي تدريب تأهيلي، مما يجعلهم أكثر عرضة للخطر مع العلم .

