تشكل المياه مجهولة المصدر المنتشرة في الأحياء الشعبية والمناطق الداخلية تهديداً صحياً متفاقماً للتونسيين، وفق ما حذر منه عدد من المختصين في الصحة العامة والمياه، وذلك بسبب احتوائها على نسب غير متوازنة من الأملاح والمعادن، إلى جانب غياب الرقابة الميكروبيولوجية، مما يؤدي إلى ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض الكلى والكبد، والتهابات الجهاز الهضمي المزمنة.
ووفق ما يؤكده الأطباء المختصون، فإن الاستهلاك المستمر لمياه غير مراقبة صحياً قد يؤدي إلى تراكم مكونات سامة في الجسم، مثل النترات والفلوريدات، ويؤثر على وظائف الكبد والكلى، ويزيد من احتمال الإصابة بالحصى، إضافة إلى إمكانية وجود بكتيريا ممرضة تؤدي إلى الإسهال المزمن والجفاف، خاصة في صفوف الأطفال والمسنين.
حسين الرحيلي: هذه المياه لا تخضع لأبسط قواعد السلامة
وفي السياق ذاته، حذر الخبير في التنمية والتصرف في الموارد، حسين الرحيلي، اليوم السبت 12 جويلية 2025، في تصريح لموزاييك، من شرب المياه مجهولة المصدر، المنتشرة خاصة في الأحياء الشعبية والمناطق الداخلية، مؤكداً أنها “لا تستجيب لأبسط قواعد مياه الشرب، خصوصاً على مستوى تركيبة الأملاح، وهو ما تسبب في تفاقم أمراض الكبد في هذه المناطق”.
وكانت وزارة التجارة حذرت من ظاهرة بيع المياه مجهولة المصدر في المناطق الشعبية، مشيرةً إلى أنها مياه غير مراقبة صحيًا وتشكل خطرًا على صحة المواطنين. تحذر الوزارة من شراء وبيع هذه المياه التي غالبًا ما يتم ترويجها على أنها مياه عيون صالحة للشرب، ولكنها قد تكون ملوثة.
وتتواصل عمليات بيع مياه الشرب مجهولة المصدر في أكثر من جهة من ولايات الجمهورية رغم التحذيرات المتكررة لوزارة الصحة التي اكدت أنّ مصالحها المختصة المتواجدة بكامل تراب الجمهورية رصدت تواصل ظاهرة نقل وبيع المياه المستخرجة من الآبار والعيون الطبيعية لغاية الشرب بصفة عشوائية في حاويات بلاستيكية.
وتمت دعوة المصالح الصحية مركزيا وجهويا للتنسيق مع باقي المتدخلين لمنع بيع مياه الشراب للعموم بصفة عشوائية والتثبت من مدى صلوحية الحاويات والأوعية وغيرها من مواد التعليب المعدة لتعبئة الزيوت وغيرها من المواد الغذائية الأخرى واتخاذ الإجراءات اللازمة لتتبع المخالفين طبقا للقوانين والتراتيب الجاري بها العمل.
وأكدت وزارة الصحة على ضرورة الامتناع عن اقتناء مياه الآبار والعيون المروّجة للعموم بصفة عشوائية في حاويات بلاستكية والتثبت من صلوحية الحاويات والأوعية لتعبئة الزيوت وغيرها من المواد الغذائية قبل استعمالها وإعلام المصالح الصحية بكل التجاوزات التي قد تحصل وذلك تفاديا لكل المخاطر الصحية التي يمكن أن تهدد صحة المستهلك.
الفرد التونسي يستهلك 244 لتراً من المياه المعلبة سنوياً
وأوضح الرحيلي أن تحسين نوعية مياه الشرب يتطلب تغييراً جذرياً في شبكات التوزيع التابعة للشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، بالإضافة إلى تحسين أنظمة المعالجة، معتبراً أن الدولة مطالبة بتوفير استثمارات عاجلة في هذا المجال.
وكشف أن تونس تحتل المرتبة الرابعة عالمياً في استهلاك المياه المعلبة مقارنة بعدد السكان، حيث يبلغ نصيب الفرد التونسي 244 لتراً سنوياً، مضيفاً أن تكلفة هذه المياه تتراوح بالنسبة للعائلة المتوسطة بين 135 و140 ديناراً شهرياً، وهو ما يشكل عبئاً اقتصادياً متزايداً في ظل غياب الثقة في مياه الحنفيات.

