الرئيسيةآخر الأخبارنزول سعر برميل النفط إلى أقل من ال65 دولارا ...ماذا يعني...

نزول سعر برميل النفط إلى أقل من ال65 دولارا …ماذا يعني للإقتصاد التونسي

في الوقت الذي تُثير فيه التقلّبات الحادة في أسعار النفط قلق كبار المنتجين حول العالم، تنظر تونس – كدولة مستوردة للطاقة – بعين مختلفة إلى هذا التحوّل. فقد شكّل تراجع سعر برميل النفط إلى ما دون 65 دولارًا فرصة ثمينة قد تُخفّف من الضغوطات المالية والاقتصادية الثقيلة التي تعانيها البلاد منذ سنوات.

تستند ميزانية الدولة لسنة 2025 إلى فرضية سعر 74 دولارًا لبرميل النفط من نوع “برنت”. وبما أن السعر الفعلي حاليًا دون هذا المستوى بحوالي 9 دولارات، فإن الفارق بين الفرضية والواقع قد يُترجم إلى وفر مالي مباشر على مستوى نفقات الدولة.

1. تخفيض كلفة دعم الطاقة

بحسب مشروع قانون المالية لسنة 2025، خصصت الحكومة التونسية ما مجموعه 11.593 مليار دينار لدعم المحروقات والمواد الأساسية والنقل، منها:

  • 7.112 مليار دينار لدعم المحروقات (STEG وSTIR)،
  • و3.801 مليار دينار لدعم المواد الأساسية،
  • و680 مليون دينار لدعم النقل العمومي.

كل انخفاض بـ1 دولار في سعر النفط يوفّر للدولة التونسية ما بين 120 و150 مليون دينار من كلفة الدعم، حسب تقديرات غير رسمية.

وبناء على السعر الحالي (65 دولارًا)، يمكن للدولة أن توفّر ما يقارب 1 إلى 1.3 مليار دينار في حال استمرار الأسعار المنخفضة خلال النصف الثاني من السنة.

2. تحسين عجز الميزانية وتقليص الاقتراض

تراجُع كلفة استيراد المحروقات يعني أن تونس يمكن أن تقلص عجز ميزانيتها – الذي ظل يتجاوز 5% من الناتج المحلي الإجمالي لسنوات – دون المساس بالإنفاق الاجتماعي أو الاستثماري. كما قد يقلّ اعتماد الدولة على التمويل الخارجي، بما يعني تخفيف الضغط على الدين العمومي الذي بلغ مستويات حرجة (أكثر من 80% من الناتج المحلي).

3. تعزيز احتياطي العملة الأجنبية وتحسين الميزان التجاري

تمثل واردات الطاقة جزءًا هامًا من العجز التجاري التونسي، الذي تجاوز 20 مليار دينار في 2023. ومع تراجع الأسعار، تتراجع كلفة التوريد، مما:

  • يساهم في تقليص العجز التجاري،
  • ويعزز احتياطي تونس من العملة الصعبة،
  • ويقلل الضغط على الدينار التونسي.

4. دفع الاستهلاك المحلي والقدرة الشرائية

تراجع أسعار النفط يخفف الضغط على أسعار النقل والكهرباء والسلع الأساسية، مما يمكن أن يُترجم إلى:

  • استقرار نسبي في الأسعار،
  • خفض نسبي لنسبة التضخم التي ظلت تدور حول 9% في السنوات الأخيرة،
  • ودعم مباشر للقدرة الشرائية للمواطنين.

5. تحفيز الاستثمار والأنشطة الاقتصادية

القطاعات الإنتاجية كالصناعة والخدمات والسياحة، التي تعتمد بدرجة كبيرة على الطاقة، يمكن أن تستفيد من انخفاض كلفة الإنتاج والنقل. كما يشجّع الاستقرار السعري على عودة الثقة الاستثمارية التي فقدت بريقها في السنوات الماضية.

تحدٍّ في الأفق: هل تستثمر تونس هذه الفرصة؟

رغم هذه الإيجابيات، يظل التحدي الأكبر هو كيفية استثمار الدولة لهذه الفرصة المالية الظرفية. فمن غير المجدي أن تُستخدم الوفرة في تمويل نفقات جارية غير منتجة، بل يجب:

  • توجيهها نحو تسوية المتخلدات المالية،
  • أو ضخها في مشاريع تنموية وبنية تحتية،
  • أو تعزيز التحوّل الطاقي نحو الطاقات المتجددة لتقليل التبعية للخارج

الخاسرون

قال المسؤول عن إستراتيجية السلع الأساسية لدى “بنك ساكسو” أوله هانسن إنه مع تراجع الأسعار فإن الجهات الخاسرة بلا شك هي البلدان المنتجة للنفط، “خصوصا المنتجين ذوي التكلفة العالية المجبرين بناء على الأسعار الحالية الأقل على تخفيف الإنتاج في الأشهر المقبلة”.

وقال المحلل لدى “رايستاد إنرجي” خورخي ليون إن بلوغ سعر برميل النفط 60 دولارا أو أقل “لن يكون أمرا رائعا بالنسبة لمنتجي النفط الصخري” أيضا، وأوضح لفرانس برس أن “تراجع أسعار النفط سيضر بالتنمية لديهم”.

وأعلنت بعض الشركات التي تستخرج النفط والغاز الصخريين بالفعل عن خفض الاستثمار في حوض برميان الواقع بين تكساس ونيو مكسيكو.

أما بالنسبة لتحالف “أوبك بلاس” النفطي بقيادة السعودية وروسيا فتتباين القدرة على التكيف مع الأسعار المنخفضة بشكل كبير.

ويشير ليون إلى أن السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت لديها احتياطات نقدية تتيح لها الاستدانة بسهولة لتمويل مشاريع اقتصادية متنوعة.

وتوقع هانسن أن “الرابحين على المدى الطويل من المرجح أن يكونوا كبار منتجي أوبك بلاس، خصوصا في الشرق الأوسط، في وقت يستعيد هؤلاء حصصا في السوق خسروها منذ العام 2022 عندما شرعوا في خفض طوعي للإنتاج”.

وبدأت المجموعة التي تضم 22 بلدا سلسلة إجراءات لخفض الإنتاج عام 2022 لدعم أسعار الخام، لكن السعودية وروسيا وستة بلدان أخرى منضوية في التحالف فاجأت الأسواق مؤخرا عبر زيادة الإنتاج.

وأعلنت البلدان المنضوية في التحالف السبت عن زيادات ضخمة في إنتاج الخام لشهر يوليوز مع 411 ألف برميل يوميا.

ويفيد محللون بأن الزيادات هدفت على الأرجح إلى معاقبة أعضاء “أوبك” الذين فشلوا في الإيفاء بحصصهم، لكنها تأتي بعد ضغوط من ترامب لخفض الأسعار.

ويؤثر الأمر مباشرة على بلدان مثل إيران وفنزويلا اللتين يعتمد اقتصاداهما بشكل كبير على عائدات النفط.

كما تضر بيئة حيث الأسعار منخفضة بنيجيريا التي تعد قدرتها على الاستدانة أكثر محدودية، على غرار أعضاء آخرين في “أوبك بلاس”، بحسب الخبراء.

لكن غويانا غير المنضوية في “أوبك”، التي سجّلت مزيدا من النمو في السنوات الأخيرة بفضل اكتشاف النفط، تواجه خطر تباطؤ اقتصادها.

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!