شهدت مدينة قابس، يوم الخميس الماضي، حادثة خطيرة تمثّلت في هجوم عنيف شنّته تسعة كلاب من نوع “بيتبول” على أحد المواطنين يُدعى بوبكر، بينما كان في طريقه إلى مقرّ عمله صباحًا.
ووفق روايات متطابقة، فقد باغتت الكلاب الضحية وهاجمته بشكل جماعي، مما تسبب له في إصابات بليغة وخطيرة استوجبت إخضاعه لثلاث عمليات جراحية مستعجلة، ولا يزال إلى اليوم تحت العناية الطبية المركزة.
وذكر شهود عيان أن الهجوم الوحشي استمر لأكثر من عشر دقائق، قاوم خلالها بوبكر بمفرده، قبل أن تتوقّف سيارة نقل ريفي ويقوم بعض الركّاب بالتدخّل لإبعاده عن الكلاب.
وأكدت ابنة الضحية في مداخلة هاتفية ببرنامج “أحلى صباح” باذاعة موزاييك أن والدها تقدّم بشكاية رسمية ضدّ مالك الكلاب، متّهمة إياه بالإهمال والتهوّر وتعريض حياة الناس للخطر، خاصّة أن الكلاب كانت دون رقابة أو قيود في منطقة سكنية مأهولة.
وتبيّن أن الكلاب تعود ملكيتها لشخص معروف في الجهة بنشاطه في تربية وبيع الكلاب الشرسة من نوع “بيتبول”، وهي فصيلة معروفة عالميًا بسلوكها العدواني وخطورتها على السلامة العامة، خاصّة عندما لا تكون مقيّدة أو مدرّبة بشكل قانوني.
وتُعدّ كلاب “البيتبول” من الفصائل المحجّرة قانونًا في تونس، حيث يمنع القانون امتلاكها أو بيعها أو تربيتها دون ترخيص خاص، بالنظر إلى خطورتها الكبيرة على الأفراد والمجتمع. ويعاقب القانون التونسي كل من يتسبّب عن طريق الإهمال أو التهاون في أضرار جسيمة نتيجة امتلاك هذا النوع من الكلاب.
وتُطرح هذه الحادثة مجددًا علامات استفهام كبرى حول مدى مراقبة السلطات لمربّي الكلاب الخطرة، وغياب الردع في مواجهة من يستهينون بحياة المواطنين ويحوّلون الأحياء السكنية إلى مناطق خطر دائم.
في الحقيقة، الكلاب ليست هي الجاني الحقيقي، بل في مثل هذه الحالات تكون ضحية لسوء تصرّف الإنسان. فالخطورة لا تكمن في طبيعة الحيوان بقدر ما تكمن في طريقة تربيته واستخدامه والبيئة التي يُوضع فيها. إليك تفصيلًا لهذا المنظور:
الكلاب الشرسة: ضحية الإنسان لا جلّاده
رغم ما أثارته حادثة الهجوم في قابس من غضب واستنكار، إلا أن المسؤولية الأخلاقية والعملية لا تقع على الكلاب، بل على الإنسان الذي درّبها أو أهملها أو استغلها لأغراض غير مشروعة.
كلاب البيتبول، وغيرها من السلالات المصنّفة بـ”الشرسة”، لا تولد عدوانية بطبيعتها. بل يتم:
- تدريبها على الهجوم من قبل بعض المربين.
- حرمانها من بيئة اجتماعية صحية.
- إهمال تطعيمها أو مراقبتها.
- تركها في فضاءات مفتوحة دون رقابة أو تقييد.
بهذا الشكل، تتحوّل هذه الكلاب إلى أدوات خطرة، لكن الجريمة الحقيقية هي في يد من استغلّها أو أهملها.

