مع اقتراب الاحتفال برأس السنة 2026، تتصاعد حركة الاستهلاك في الأسواق التونسية، ويزداد الإقبال على شراء المواد الغذائية استعدادًا لهذه المناسبة. ومع هذا الزخم، كشفت الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية عن برنامج رقابي مكثف بدأ منذ ديسمبر 2025، أسفر عن حجز 165 طنًا من المواد الغذائية غير الآمنة وإغلاق 65 محلًا مفتوحًا للعموم، أغلبها محلات لصنع وبيع المرطبات والمخابز والمطاعم ومحلات بيع اللحوم.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن أكثر من ثلثي حالات الحجز ناتجة عن مخالفات يمكن تفاديها، مثل انتهاء تواريخ الصلوحية، أو سوء ظروف التخزين، أو ظهور علامات التلف والفساد. ومع ذلك، يثير هذا الكم الكبير من المواد الفاسدة التي تم ضبطها التساؤل حول مدى استغلال بعض التجار لهذه المناسبات لترويج منتجات غير آمنة، مستغلين الضغط على السوق والرغبة المتزايدة للمواطنين في توفير أطعمة احتفالية متنوعة.
وتعكس هذه الظاهرة خللاً مزدوجًا: على مستوى الرقابة الذاتية للمؤسسات الغذائية، وعلى مستوى سلوك المستهلك الذي يشتري غالبًا دون التحقق من صلاحية المنتجات أو ظروف تخزينها. وهو ما يجعل المناسبات الكبرى مثل رأس السنة الإدارية فرصة لتسويق منتجات قد تشكل خطراً على صحة المستهلكين.
وقد أكدت الهيئة أن تدخلاتها شملت جميع مراحل السلسلة الغذائية، من الإنتاج والتحويل إلى البيع بالتفصيل، مع اقتطاع عينات وتحليلها مخبريًا، وتوجيه تنبيهات وإغلاق المحلات المخالفة وتحرير محاضر الحجز. وتوضح الأرقام أن المنتجات غير الآمنة شملت الفواكه والخضروات الطازجة والمحوّلة، الأسماك، اللحوم، والمرطبات، مما يبرز تنوع المخاطر المحتملة.
في ظل هذه المعطيات، تدعو الهيئة المواطنين إلى توخي الحذر وشراء المواد الغذائية من نقاط بيع موثوقة فقط، والابتعاد عن الباعة المتجولين أو الإنتصابات العشوائية، مع اتباع سلوكيات صحية سليمة في تخزين الأطعمة واستهلاكها، والإبلاغ عن التجاوزات عبر الرقم الأخضر للهيئة 80106977.
يطرح هذا الوضع سؤالاً أخطر: هل ستظل مناسبات الاحتفال الكبرى فرصة لتسويق السلع غير الآمنة ما لم تتكامل جهود الرقابة، الرقابة الذاتية للمؤسسات، والتوعية المستمرة للمستهلكين؟ يبدو أن التحدي في تونس اليوم ليس فقط الاستعداد للاحتفال، بل حماية صحة المواطنين من مخاطر يمكن تجنبها باليقظة والالتزام بالقواعد الصحية.

