في 16 مارس 2003، قبل ثلاثة أيام من الغزو الأمريكي للعراق الذي أمر به نائب الرئيس ديك تشيني و الرئيس نفسه جورج بوش، قال تشيني في مقابلة على قناة NBC: “في الواقع، سنُستقبل كتحريريين”. تلك الكلمات كانت تُظهر الثقة المطلقة التي كان يشعر بها في تلك اللحظة حول التدخل العسكري الأمريكي. ومع ذلك، تبين أن هذه التصريحات كانت مبنية على أكاذيب وسوء تقدير مدمر.
لم يكن ديك تشيني فقط مسؤولًا جنائيًا عن مقتل مئات الآلاف من العراقيين، بل كانت رؤيته لما سيبدو عليه العراق بعد الغزو تتنافس مع أسوأ التقديرات من جانب أي قائد سياسي على مر التاريخ. في نفس المقابلة، قال تشيني إن الغزو سيؤدي إلى مستوى جديد من الوحدة الوطنية في العراق: “إذا نظرتم إلى المعارضة، فقد توحدوا بشكل فعال، مع ممثلين من الشيعة والسنة والأكراد في الشعب العراقي. إنهم يفهمون أهمية الحفاظ على وبناء هوية عراقية وطنية”.
لكن ماذا كانت النتيجة؟ الحقيقة كانت مختلفة تمامًا. العراق تمزق بشكل كارثي بعد الغزو، فقد فقد مئات الآلاف من العراقيين حياتهم، وانتهت البلد كدولة موحدة. بل أكثر من ذلك، فإن الحرب تركت الولايات المتحدة نفسها في حالة من الفوضى، مع عشرات الآلاف من الجنود الأمريكيين الذين أصيبوا إصابات غير قابلة للشفاء، وأكثر من 5000 منهم قُتلوا في العراق.
في عام 2002، عندما كان تشيني يُروج لغزو العراق، قال: “ببساطة، لا يوجد شك في أن صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل. لا شك أنه يجمعها لاستخدامها ضد أصدقائنا وحلفائنا وضدنا”. ولكن، كما تبين لاحقًا، كانت كل كلمة قالها كذبة.
ديك تشيني يمثل مثالًا حيًا على الطبيعة الإجرامية لعدد من الدول الغربية . ورغم كل الدماء والأرواح التي أُزهقت، ظل تشيني يزداد ثراءً من خلال بيع الكتب، وإلقاء الخطب، والعيش على ثروته الضخمة كأحد كبار مسؤولي شركة هاليبورتون. بينما فقد العديد من الأمريكيين والعراقيين حياتهم أو عانوا من إصابات مدمرة، كان تشيني يُحقق المزيد من الأرباح.
هذه القصة تثير سؤالًا مهمًا: هل يعيد التاريخ نفسه؟ هل يمكن للسياسيين والمصالح الاقتصادية الكبرى أن يضللوا العالم مجددًا، مُتخذين قرارات تُدمّر دولًا وتُزهق أرواحًا باسم “الحرية” و”الديمقراطية”؟
كما فعل تشيني هاهو ترامب يسير في نفس الطريق اليوم اذ على غرار نتنياهو، أصر ترامب على أن إيران تقترب من امتلاك سلاح نووي، مما أدى إلى تهميش رئيسة الاستخبارات الأمريكية تولسي جابارد في الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات مؤيدي “جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” في معارضة العمل العسكري الأمريكي في إيران.

