الرئيسيةآخر الأخباروزير الساحة السابق : البحر الأبيض المتوسط في خطر… نداء عاجل من...

وزير الساحة السابق : البحر الأبيض المتوسط في خطر… نداء عاجل من أجل الإنقاذ

يُعدّ البحر الأبيض المتوسط مهدَ أعظم الحضارات الإنسانية، وفضاءً جغرافياً احتضن عبر التاريخ تفاعلات ثقافية واقتصادية جعلت منه إحدى أهم الوجهات السياحية في العالم، إذ يستقطب ما يزيد عن ثلث الحركة السياحية الدولية. غير أنّ هذا الفضاء الحيوي، وخاصة على ضفته الجنوبية، يعيش اليوم حالة تدهور خطيرة تهدّد مستقبله البيئي والاقتصادي والإنساني، وهو ما نبّه إليه التيجاني حدّاد وزير السياحة السابق، محذّراً من أنّ المنطقة المتوسطية، رغم أهميتها العالمية، أصبحت تعيش حالة اختناق حقيقي تهدّد مقوّماتها الطبيعية والسياحية.

فالمنطقة المتوسطية تواجه تحديات جسيمة أصبحت عائقاً حقيقياً أمام تنميتها، ويأتي قطاع السياحة، بطبيعته الحسّاسة والمتقلّبة، في مقدّمة القطاعات المتضرّرة. وقد ساهم التوسّع المفرط وغير المنظّم للنشاط السياحي، شمالاً وجنوباً، في تلويث السواحل وتشويه المشهد الطبيعي وتدهور التوازن البيئي للمناطق الساحلية.

ويزداد الوضع تعقيداً باعتبار البحر الأبيض المتوسط بحراً مفتوحاً لحركة العبور العالمية، إذ تضاعفت كثافة الملاحة فيه بعد فتح قناة السويس، ما أدى إلى مرور أعداد هائلة من ناقلات النفط، التي لا تتردّد في إلقاء مخلفاتها في عرض البحر، دون اعتبار للأضرار الجسيمة التي تلحق بالبيئة البحرية.

وقد تسبّبت هذه الممارسات في إتلاف العديد من الشواطئ، وألحقت أضراراً بالغة بالكائنات البحرية والنباتات الساحلية، مهدّدة بذلك أحد أهم عناصر الجذب السياحي في المنطقة. وإلى جانب الكارثة البيئية، برز في السنوات الأخيرة وجه مأساوي آخر يتمثّل في ظاهرة الهجرة غير النظامية عبر قوارب بدائية، تحوّل البحر الأبيض المتوسط معها إلى مقبرة مفتوحة لآلاف الأبرياء الباحثين عن حياة أفضل.

وأمام هذا المشهد القاتم، يطرح السؤال نفسه بإلحاح: هل نستسلم؟ هل نكتفي بالحسرة والتباكي؟
الجواب لا يحتمل التردّد. المطلوب اليوم تحرّك عاجل ومسؤول يضع الجميع أمام حجم الخطر الحقيقي الذي يهدّد البحر الأبيض المتوسط ومستقبل شعوبه.

صحيح أنّ دول الجنوب والشرق هي الأكثر تضرّراً في الوقت الراهن، غير أنّ استمرار هذا النزيف سيجعل دول الشمال تواجه المصير ذاته عاجلاً أم آجلاً. ومن هذا المنطلق، تبرز الحاجة الملحّة إلى عمل جماعي مشترك، يفرض على الحكومات وصنّاع القرار في قطاع السياحة تبنّي رؤية موحّدة تقوم على تكامل الخصوصيات السياحية لمختلف بلدان المنطقة.

إنّ إنقاذ البحر الأبيض المتوسط يمرّ حتماً عبر وضع استراتيجية مشتركة وتمويلها بشكل فعلي، بهدف حماية المقوّمات الطبيعية والثقافية التي جعلت من هذه المنطقة إحدى أهم الوجهات السياحية عالمياً. فالمتوسط لا يستمدّ جاذبيته من موقعه الجغرافي الاستراتيجي فحسب، بل أيضاً من إرث حضاري عريق راكمته أعرق الحضارات الإنسانية.

ويتميّز المنتوج السياحي المتوسطي بتنوّع غني ومتكامل يشمل السياحة الشاطئية، والسياحة الثقافية، والموانئ الترفيهية، والعلاج بالمياه، والمنتجعات الجبلية، والجزر، والسياحة البيئية، والسياحة الصحراوية، والرحلات البحرية. غير أنّ هذا التنوّع لا يمكن أن يستمرّ خارج إطار مقاربة جديدة تقوم على السياحة المستدامة، سياحة تحترم البيئة، وتحافظ على الموارد الطبيعية، وتثمّن الموروث الثقافي والاجتماعي، وتضمن للأجيال القادمة حقّها في بحر نظيف وسواحل سليمة وتنمية متوازنة.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!