أكدت الدول العربية دعمها للخطة الفرنسية-السعودية التي تربط الاعتراف الدولي بدولة فلسطين بآلية لنزع سلاح حركة حماس وإعادة تفعيل اتفاقيات إبراهام.
غير أن هذا التوافق لا يخلو من قلق بالغ؛ إذ تخشى القاهرة وأبوظبي أن تؤدي الاستراتيجية الإسرائيلية، التي تُنفذ منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 وأسفرت عن أكثر من 70 ألف قتيل في غزة، إلى ضم كامل للضفة الغربية أو ترحيل قسري للسكان.
تُعد مصر، أول دولة عربية وقّعت معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979، الأكثر تعرضًا للخطر.
ويخشى الرئيس عبد الفتاح السيسي أن تؤدي العملية الإسرائيلية الرامية إلى حشر مليوني فلسطيني في جنوب القطاع إلى قصف معبر رفح ودفعهم إلى نزوح جماعي نحو سيناء.
مثل هذا السيناريو يهدد بشكل مباشر معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية، ويُدخل إلى الأراضي المصرية عناصر من حماس، وهي حركة تنحدر من جماعة الإخوان المسلمين، العدو اللدود للنظام المصري.
ولتفادي هذا الاحتمال، عزز الجيش المصري وجوده في سيناء، ما أثار احتجاجات إسرائيلية تم نقلها إلى واشنطن.
ويشارك محمد بن زايد الرئيس المصري هذه المخاوف. فالإمارات العربية المتحدة، التي وقّعت اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل عام 2020 برعاية دونالد ترامب، ترى اليوم هذه الالتزامات مهددة.
فقد دفعت تهديدات إسرائيل بالضم أبوظبي إلى التلويح بالانسحاب الجزئي من اتفاقيات إبراهام. ونقل دبلوماسي فرنسي مقرّب أن “محمد بن زايد وجّه رسالة شديدة الوضوح إلى دونالد ترامب: في حال ضم الضفة الغربية، ستتم مراجعة الاتفاقيات”.
وقد منعت الإمارات بالفعل الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معرض دفاعي، وتدرس إمكانية استدعاء سفيرها من تل أبيب. غير أن اعتمادها الأمني على برنامج التجسس “بيغاسوس” الذي زوّدتها به إسرائيل وتتحكم فيه عن بعد يقيّد هامش مناورتها؛ إذ باتت الأجهزة الأمنية الخليجية متشابكة مع البنية التحتية الإسرائيلية إلى درجة تجعل هذه العلاقة أداة للضغط والابتزاز.
في هذا السياق، تتكون الخطة الفرنسية-السعودية من ثلاثة محاور رئيسية:
- الاعتراف بدولة فلسطين،
- نزع سلاح حركة حماس عبر قوات محلية مرتبطة بالسلطة الفلسطينية،
- توسيع اتفاقيات إبراهام لتصبح منظومة أمن إقليمية شاملة.
وتتدرب بالفعل عدة مئات من عناصر الشرطة الفلسطينية في مصر و الأردن لضمان تنفيذ هذه المرحلة الانتقالية. وفي باريس، يعتبر صانعو القرار أن حماس، التي تكبدت خسائر كبيرة في صفوف قياداتها، باتت أضعف من أي وقت مضى ولا تمتلك سوى نحو 10 آلاف قطعة سلاح خفيف، وتعوض خسائرها عبر تسريع تجنيد شباب قليلي الخبرة.
ويؤكد المحيطون بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون:”نحن أمام لحظة مفصلية: إما أن تعيد الأسرة الدولية إحياء حل الدولتين، أو أن يغرق الشرق الأوسط في مآسٍ جديدة.

