كشف الفنان عدنان الشواشي، في شهادة مطوّلة نشرها على صفحته، عن واقعة وصفها بأنها من “أغرب وأكثر الأحداث سخرية” التي عاشها إثر سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي بمدة قصيرة. وقال الشواشي إنّه تلقّى مكالمة هاتفية جعلته “يرتجف غضبًا وامتعاضًا من سذاجة وخساسة” مضمونها، داعيةً إيّاه إلى المشاركة في “بدعة تلفزية مباشرة” هدفها جمع الفنانين الذين سبق أن حصلوا على أوسمة من بن علي، وحثّهم على رمي تلك الأوسمة في نار مشتعلة أمام الكاميرا “تعبيرًا عن مناصرتهم لثورة الياسمين وتنظيف سجلّهم من شوائب النظام السابق”.
ووصف الشواشي الفكرة بأنها “سخيفة وساذجة”، ساخرًا من أصحابها الذين اعتبروا أنّ إحراق الأوسمة على الهواء سيغسل “تاريخ الفنانين من التبعية والتملّق والمصلحية”. وعلّق قائلًا بلهجة تهكّم: “يا لها من فكرة رائدة متحضّرة ثورية… نرمي أوسمتنا وصور تتويجاتنا في النار لنغسل ضمائرنا وتاريخنا!”
وقال إن المنطق الذي طُرحت به المبادرة ذكّره بـ طقوس القرون الوسطى حين كان المتّهمون، وخصوصًا النساء، يُحرقون بمجرّد الاشتباه في ممارستهم السحر. وأضاف أنّه ردّ على صاحب الفكرة باقتراح أكثر سخرية:
إضافة الرياضيين إلى قائمة المشاركين ليأتوا بكؤوسهم وميدالياتهم التي نالوها من يد بن علي “ويرمونها معهم في محرقة التطهير”، حتى “يكون اللّهيب أكبر والعقاب أعدل والاعتراف بالذنب أصدق”.
وقال الشواشي ساخرًا: “وهكذا، يكون الـ«buzz» المنشود أعظم وأطرف وأنجح…”.
“تردّدت قبل نشر شهادتي احترامًا لضحايا النظام السابق”
وأشار الشواشي إلى أنه تردد طويلاً قبل نشر هذه الشهادة، ليس خوفًا من “الثورجيين الإقصائيين”، بحسب تعبيره، بل احترامًا لعائلات الذين اضطهدهم النظام السابق. وقال إنه حصل على وسام من بن علي لأنه كان “مبدعًا مجتهدًا”، لكنه في الوقت نفسه كان شاهدًا على “جبروت النظام المستأسد السادي” الذي قهر كثيرين، معترفًا بأنه لم يمتلك شجاعة المناضلين الذين قالوا كلمة الحق ودفعوا ثمنها سجنًا وتشريدًا واغتيالاً.
وأضاف: “لم أكن أجرؤ على قول ما قالوه… كنت أصفّق مع المصفّقين وأناشد مع المناشدين، ولم تكن لي شجاعة المواجهة.”
“سأحرق الوسام إذا كان ذلك يشفي غليل من عانوا… لكن ليس من أجل البوز”
في ختام شهادته، قال الشواشي إنه مستعدّ لحرق وسامه إن كان ذلك سيُرضي ضحايا النظام السابق أو يخفّف شيئًا ممّا عاشوه، لكنه يرفض تمامًا القيام بذلك في برنامج تلفزي أو في إطار استعراض إعلامي.
وقال بوضوح:
“إن كان حرق وسام فنّي يكفي ليشفي غليلكم، فلكم مني ذلك دون تردّد… لكن أن أفعل ذلك في حصة تلفزية لإحداث «البوز» والتظاهر بشجاعة لم تكن لديّ… فلا، ثمّ لا، ثمّ ألف لا.”


