شهد ملف العنف المسلّط على النساء في تونس منعطفًا جديدًا مع تصريحات أريج الجلاصي، المكلّفة بمشروع العنف القائم على النوع الاجتماعي في جمعية “أصوات نساء”، التي أكدت اليوم الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 أنّ الوضع يسجّل ارتفاعًا “مهولًا” خلال الأشهر الأخيرة رغم وجود منظومة تشريعية يُضرب بها المثل في المنطقة.
تقول الجلاصي إنّ تونس تمتلك إطارًا قانونيًا فريدًا:
- مجلة الأحوال الشخصية
- قانون 58 لسنة 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضدّ المرأة
- عدد من مشاريع القوانين الجديدة داخل البرلمان
لكنّها تشدّد على أن التطبيق ما يزال أضعف من أن يوقف موجة العنف المتصاعدة.
بحسب الدراسات التي أنجزتها جمعية “أصوات نساء”، 86% من النساء التونسيات تعرّضن ولو مرة واحدة إلى شكل من أشكال العنف.
هذه النسبة — وفق الخبراء — تمثل أعلى تقدير مسجّل إلى اليوم في تونس، وتكشف عن قفزة ضخمة مقارنة بمعطيات تقارير دولية سابقة.
كما سجّل مركز “ناجية” التابع للجمعية، إلى غاية أكتوبر الماضي فقط،
317 امرأة ضحية عنف، ضمنهنّ 82 ضحية لعنف جنسي.
وتحذّر الجلاصي من منحى خطير لظاهرة قتل النساء، مؤكدة أنّ الحماية الحالية “ضعيفة” وأنّ غياب التطبيق الصارم للقوانين يساهم في تفاقم المخاطر.
ارتفاع غير مسبوق خلال أشهر قليلة
ما يثير القلق — وفق مراقبين — هو التسارع اللافت في نسق الإبلاغ عن حالات العنف خلال فترة قصيرة نسبيًا، وهو ما جعل نسب سنة 2025 تبدو “منفلتة” مقارنة بما ورد في تقارير سابقة.
ويمكن قياس هذا الارتفاع عبر مقارنة أرقام جمعية “أصوات نساء” (2025) مع ما ورد في تقارير أخرى:
مقارنات دولية وإقليمية (مع ذكر المصادر وتواريخ التقارير)
1. Afrobarometer – تقييم المجتمع للعنف (2023–2024)
أظهر مسح afrobarometer.org أن أكثر من نصف التونسيين يعتبرون العنف ضد المرأة “شائعًا” أو “شائعًا جدًا”.
ورغم أنه لا يقيس التعرض المباشر، إلا أنّه يعكس تصوّرًا واسعًا لانتشار الظاهرة.
2. صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA – تقرير عن العنف (2021)
قدّر تقرير الأمم المتحدة أنّ 48% من النساء التونسيات تعرّضن في مرحلة ما لشكل من أشكال العنف.
هذا الرقم يبدو بعيدًا جدًا عن نسبة 86% التي أعلنتها جمعية “أصوات نساء” لسنة 2025، وهو ما يشير إلى ارتفاع مهول خلال أربع سنوات فقط.
3. تقرير CAWTAR خلال جائحة COVID-19 (2020–2021)
وكشف تقرير لمؤسسة كوثر ان العنف المنزلي خلال الإغلاق كان على النحو التالي :
- تونس: 41.7%
- الجزائر: 43.2%
- المغرب: 45.7%
آنذاك، كانت تونس ضمن المعدلات “المتوسطة”، لكن مقارنة هذه الأرقام مع رقم 86% في 2025 تكشف هوّة واسعة.
أشادت منظمة هيومن رايتس ووتش بتقدم الإطار التشريعي، لكنها نبّهت إلى أنّ تطبيق القانون 58 ليس دائمًا فعّالًا — وهو ما يتطابق تمامًا مع تصريحات جمعية “أصوات نساء” اليوم.

