الرئيسيةآخر الأخبارقاصرة نُزعت ثيابها، وجدة مريضة تنهار… هذا ما فعلته ألمانيا بعائلة تونسية!

قاصرة نُزعت ثيابها، وجدة مريضة تنهار… هذا ما فعلته ألمانيا بعائلة تونسية!

في صبيحة يوم عادي، وتحديدًا بعد منتصف الليل، حملت امرأة تونسية حقائبها صحبة ابنتيها القاصرتين ووالدتها المسنّة، وتوجّهت إلى مطار تونس قرطاج الدولي استعدادًا لرحلة جوية باتجاه ألمانيا، البلد الأوروبي الذي زارته العائلة ثلاث مرات من قبل دون أية مشاكل.

لكن هذه الرحلة الرابعة كانت مختلفة كليًا. كانت بداية كابوسٍ لم ينتهِ حتى الآن.

رحلة عادية تنتهي بجحيم بيروقراطي وأمني

انطلقت الرحلة على متن طائرة تابعة لشركة لوفتهانزا الألمانية في اتجاه مطار فرانكفورت الدولي في الليلة الفاصلة ما بين 19 و20 جويلية الجاري . الرحلة لم تحمل ما يثير الشك، فالعائلة مكوّنة من أمّ، وابنتين صغيرتين، وجدّة سبعينية مريضة بداء السكري، وكان الهدف بسيطًا: قضاء بضعة أسابيع من العطلة.

لكن، عند الساعة الرابعة فجرًا، تحوّل هذا الحلم إلى كابوس. رجال شرطة الحدود الألمانية كانوا في الانتظار.

“اتبعونا إلى المكتب”… بلا تفسير

بمجرد اجتياز بوابات الوصول، طلب عناصر الشرطة من النساء الأربع مرافقتهم إلى مكتب جانبي. لم يُشرح لهن سبب التوقيف، ولم يُقدّم لهن أي مبرّر قانوني. ثم بدأ الاستجواب فورًا.“أين زوجك؟ هل يعلم أنكِ مسافرة؟ كيف حصلتنّ على التأشيرة؟ كم من المال بحوزتكن؟ ما هي وجهتكن؟”

أسئلة صادمة، لم تكن مجرّد إجراءات تفتيش روتينية، بل بدت كما لو كانت العائلة متهمة في ملف خطير. لكن لا شيء من ذلك كان حقيقيًا.

القاصرتان تحت الضغط الأمني: استجواب نفسي صادم

تم لاحقًا فصل الطفلتين عن والدتهما، لتُطرح عليهما أسئلة تفتقر لأي مسوغ قانوني:”ما اسم والدكما؟ لماذا لم يأت معكما؟ كيف تعاملكما أمكما في البيت؟ أرِنا صورة لكما مع والدكما.”

هنا تبدأ الانتهاكات الحقوقية الخطيرة، إذ يُمنع قانونًا فصل القاصرين عن ذويهم أو إخضاعهم للاستجواب دون وجود محامٍ أو مختص نفسي.

تجريد من الملابس… في حضرة الإذلال

ما حصل بعد ذلك كان صادمًا لأبعد الحدود. طُلب من الفتاتين ووالدتهما نزع ملابسهن أمام عناصر الأمن النسوي. تفتيش جسدي مهين دون أي مبرر قانوني. الأم تصرخ: “هل أنا متهمة بجريمة؟ هل معي مخدرات؟ لماذا؟” وفي الاخير تم اجبار الطفلة البالغة من العمر 12 سنة من نزع ثيابها تحت أنظار شقيقتها البالغة من العمر 10 سنوات.

الجدة التي كانت تراقب المشهد بدأت تتهاوى، لم تعد قادرة على الوقوف، ثم دخلت في دوخة شديدة كادت تفقدها وعيها.“أخبرناهم أنها مصابة بالسكري وتحتاج إلى طعام أو شراب فيه سكر، فجلب لنا أحدهم كأسًا كرتونيًا من ماء الحنفية في مرحاض المطار.”

تفتيش عنيف وابتزاز مالي

لم تتوقف الإهانات عند الجسد. تم تمزيق حقائب العائلة وبعثرة محتوياتها بشكل عشوائي، رغم وجود وسائل تفتيش إلكترونية.

وُصِف المشهد بأنه أقرب إلى مداهمة بوليسية في أفلام الجريمة. الأسوأ أن أحد الأعوان قام بأخذ مبلغ مالي من العائلة بدعوى “دفع تكاليف الترجمة” ومعلومات إدارية، دون إيصال أو مستند رسمي. لم تُطلب خدمات مترجم، ولم يُعرض أي خيار قانوني للطعن.

الترحيل… دون تفسير ولا وثائق

عند الاعتراض على التوقيع على وثائق مكتوبة بالألمانية، قالت الأم: “أنا لا أتكلم الألمانية ولا أفهم ما أوقع عليه.” فقوبلت بالرفض القاطع، ثم تم اقتياد العائلة بالقوة نحو طائرة العودة إلى تونس.

لا وثيقة طرد، لا أسباب مكتوبة، لا تفسير. فقط إذلال وعودة قسرية، ودموع لا تتوقف في عيون طفلتين لم تتجاوزا سن المدرسة.

انتهاكات حقوقية بالجملة

الحقوقيون الذين اطّلعوا على تفاصيل هذه الواقعة أجمعوا على أن ما حدث ينتهك بشكل واضح وصريح عدة معاهدات دولية، أهمها:

المادة 3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تمنع أي معاملة لاإنسانية أو مهينة. ما حدث يُصنف كمعاملة مهينة خاصة بحق القاصرتين.
المادة 5: الحق في الحرية والأمان تم توقيف العائلة دون إذن قضائي، واحتجازهم في غرف معزولة دون احترام أي إجراء قانوني.
اتفاقية حقوق الطفل (UNCRC) تنص على حماية القاصرين من الاستجواب أو التفتيش دون حضور ولي أمر أو مختص نفسي، وهو ما تم انتهاكه بوضوح.
المادة 8: الحق في احترام الحياة الخاصة والعائلية فصل القاصرتين عن والدتهما دون مبرر يمثل انتهاكًا جسيمًا لهذا الحق.

هل يمكن اللجوء إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان؟

الإجابة: نعم، ولكن بشروط.

يجب أولًا استنفاد المسارات القضائية داخل ألمانيا، أي تقديم شكاية رسمية لدى المحاكم الألمانية (الاستئناف، ثم المحكمة الدستورية عند الضرورة). بعد ذلك، يمكن تقديم شكوى إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ خلال فترة لا تتجاوز أربعة أشهر من صدور القرار النهائي المحلي.

كما يمكن للعائلة التواصل مع منظمات مثل:

  • العفو الدولية
  • هيومن رايتس ووتش
  • ECRE (المجلس الأوروبي للاجئين والمنفيين)
  • Pro Asyl (منظمة ألمانية مختصة بالدفاع عن حقوق المهاجرين)

عودة النيونازية؟

ما حدث مع هذه العائلة لا يمكن عزله عن السياق السياسي الألماني العام. فصعود اليمين المتطرف ونتائج الانتخابات الأخيرة أظهرت نزعة متنامية ضد الأجانب، خصوصًا العرب والمسلمين.

لكن ما جرى ليس مجرد سياسة، بل مأساة إنسانية عايشتها طفلتان، ستبقى ذكراها محفورة في ذاكرتهما لسنوات.

ويبقى السؤال: كم من عائلة غيرها مرت أو ستمر بنفس الجحيم، دون أن يسمع أحد قصتها؟

هناك سوابق موثّقة لانتهاكات وخروقات قامت بها شرطة الحدود أو شرطة المطار في ألمانيا، خاصة في المطارات الكبرى مثل فرانكفورت، ميونيخ، وهامبورغ. هذه الانتهاكات مست مجالات عديدة: العنف الجسدي، المعاملة المهينة، الترحيل القسري، التمييز العنصري، التفتيش غير القانوني، ومصادرة الممتلكات.

فيما يلي ملخّص لأبرز الوقائع والخروقات التي تورطت فيها شرطة الحدود الألمانية :

1. تقرير منظمة العفو الدولية – ألمانيا (Amnesty Deutschland):

في تقاريرها السنوية، رصدت المنظمة شكاوى متكررة ضد شرطة الحدود الألمانية، خاصة في مطار فرانكفورت، وتشمل:

  • تفتيش جسدي مهين للأجانب خاصة من خلفيات عربية وأفريقية.
  • الاحتجاز غير القانوني في غرف المطار دون إذن قضائي أو إعلام رسمي.
  • فصل القاصرين عن أهاليهم خلال التحقيقات دون احترام المعايير الدولية لحماية الطفولة.
  • رفض تقديم مترجمين محايدين، أو فرض مترجمين دون إعلام العائلات بحقوقها.
  • الإرجاع القسري دون إذن قضائي أو وثائق رسمية.

المصدر: Amnesty International – Annual Reports, Sections on Germany (2019–2023)

  • فترات الترحيل.
  • تفتيش الهواتف دون إذن قانوني.
  • التحقيقات الأمنية التي تتجاوز الزمن القانوني (أكثر من 12 ساعة أحيانًا دون طعام أو محامٍ).

المصدر: ECRE Country Report on Germany – Asylum Information Database (AIDA), 2022

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!