الرئيسيةآخر الأخبارأمين محفوظ :" قصتي مع الحبيب خذر "

أمين محفوظ :” قصتي مع الحبيب خذر “

في تدوينة له عاد أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ عن لقائه الأول بالحبيب خضر القيادي في حركة النهضة والمقرر العام للدستور

ليكشف عن مكامن الخلاف معه وعن حادثة بقيت راسخة في ذهنه

يقول محفوظ “ليست قصتي مع الحبيب خضر جديدة، بل تعود إلى سنوات الانتقال الديمقراطي الأولى، وقد عايشت خلالها مواقف وأحداثًا تكشف، في تقديري، عداءً مبدئيًا للديمقراطية لا مجرّد اختلاف فكري عابر.

كان أول لقاء لي به، حسب ذاكرتي، في ربيع سنة 2012 خلال حوار على القناة الثانية، عندما كان يشغل خطة المقرر العام للدستور. في ذلك الحوار طرحت عليه سؤالًا مباشرًا: من هو صاحب السيادة في تونس، الشعب أم الإله؟ فأجاب دون تردد: «قطعًا الإله». فقلت له إن هذا المفهوم يندرج ضمن السيادة التيوقراطية لا السيادة الديمقراطية، فردّ قائلًا: «أستغفر الله». وقد دافع حينها صراحة عن حق الإسلاميين في اعتماد القرآن والشريعة كمصدر للدستور.

أما اللقاء الثاني فكان بكلية الحقوق بسوسة سنة 2012 () خلال ملتقى علمي، حيث صرّح – على ما أذكر – بعبارة: «لنفترض أن المرأة إنسان». وقد أثار هذا التصريح آنذاك موجة نقد شديدة. ونظرًا للتخوف من ردود فعل غير محسوبة من بعض الطلبة، تولّيت شخصيًا حمايته ومرافقته إلى محطة سيارات الأجرة للعودة إلى تونس. فعلت ذلك انطلاقًا من قناعة راسخة لديّ مفادها أن الحرية وحدها كفيلة بكشف الأقنعة، وخاصة أقنعة الانتهازيين الذين يتخذون من الدفاع عنها واجهة وهم في حقيقتهم أعداء لها.

أما المرة الثالثة فكانت سنة 2015، بمناسبة مداولات مشروع القانون الأساسي للمحكمة الدستورية. آنذاك كذب على زملائه وعلى الرأي العام في مداخلة اتهمني فيها، خلال جلسة رسمية، بتحمل مسؤولية تعطيل التداول في مشروع القانون بسبب كثرة سفري، باعتباري رئيس اللجنة الحكومية المكلفة بإعداده. وقد رددت على هذه التهمة الباطلة بتدوينة على وسائل التواصل الاجتماعي، دون اللجوء إلى أي تتبعات قضائية.

واليوم، شاءت الصدفة أن يتواصل هذا المسلسل. فقد فوجئت بمحضر تنبيه من الحبيب خضر يتهمني فيه باجتزاء مداخلة له، وهو ما يعتبر في تقديره كذبًا وتزييفًا للواقع وتزويرًا للتاريخ. وقد طالبني فيه بالاعتذار العلني، كتابة وبصورة مرئية، وسحب كتابي الصادر مؤخرًا بعنوان: «رؤى في القانون الدستوري والنظام السياسي التونسي».

في المقابل، نسجّل أن الحبيب خضر لم يصدر عنه، إلى اليوم، أي موقف أو رأي واضح بشأن الوضع الراهن للنظام السياسي. وأسجّل هنا، للمفارقة، نقطة إيجابية في حق السيد قيس سعيّد، الذي كان موضوع نقد في هذا الكتاب، لكنه لم يصدر عنه ما يفيد مصادرة حق الأكاديمي في البحث والكتابة والتوثيق للتاريخ.

إن الحبيب خضر لا يفقه معنى الحرية الأكاديمية، ويبدو أن له سوابق مع زملاء وزميلات في هذا المجال. أما الدرس المستخلص، فهو أن من أُتيحت له فرصة المساهمة في قيادة الانتقال الديمقراطي وفرّط فيها، لأنه كان يعتبر الحكم والدستور غنيمة، لا يمكن الوثوق به كبديل ديمقراطي للنظام القائم. فدفاعهم عن الديمقراطية ليس إلا دفاعًا انتهازيًا، غايته العودة إلى الحكم لا غير.

وأخيرًا، مع العلم أن الحبيب خضر رفض دعوة «الكتيبة» لإجراء حوار معمّق يتيح له التعبير عن رأيه، فإن المثل القائل يختصر الموقف:

أسدٌ عليّ، وفي الحروب نعامة.

مع تمسكي بمواصلة الكتابة والبحث من أجل المساهمة في إرساء نظام حكم مدني ديمقراطي قائم على الحرية.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!