أثار قرار الإفراج عن المواطن صابر وشان، المحكوم ابتدائيًا بالإعدام من قبل الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بنابل، جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والإعلامية، خصوصًا بعد تأكيد محامي الدفاع أنّ الإفراج تمّ بموجب عفو خاص صادر عن رئيس الجمهورية، وذلك عقب تراجع المتهم عن الاستئناف، بما جعل الحكم يكتسي صبغة البتّ ويصبح نهائيًا.
وللتوضيح، فإنّ العفو الخاص هو صلاحية سيادية مُخولة لرئيس الجمهورية بمقتضى الفصل 371 من مجلة الإجراءات الجزائية، الذي ينص صراحة على أنّه:”لرئيس الجمهورية أن يمنح عفوًا خاصًا بعد استشارة وزير العدل، ويكون العفو الخاص إمّا بتخفيف العقوبة أو إسقاطها كليًا أو جزئيًا.”
وبالتالي، فإنّ ممارسة هذه الصلاحية مشروطة بكون الحكم باتًا ونهائيًا، أي بعد استنفاد جميع طرق الطعن أو التنازل عنها من قبل المحكوم عليه، وهو ما حصل في هذه الحالة تحديدًا، حيث تراجع المتهم عن الاستئناف، فأصبح الحكم الابتدائي بالإعدام نهائيًا، ما أتاح لرئيس الجمهورية التدخل قانونيًا ومنحه عفوًا خاصًا.
ويُذكر أنّ الحكم الابتدائي لم يكن صادرًا بخصوص جريمة “الأمر الموحش” فحسب، بل أيضًا عن تهمة “الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة”، وهي جريمة تدخل ضمن فئة الجرائم الواقعة ضدّ أمن الدولة الداخلي. ورغم خطورة هذه التهم، فإنّ القانون التونسي لا يضع قيودًا أو استثناءات تمنع رئيس الجمهورية من ممارسة حقه في العفو الخاص حتى في القضايا ذات الصبغة السياسية أو المرتبطة بأمن الدولة، طالما توفرت الشروط الشكلية والقانونية للعفو.
ويُعتبر هذا العفو الخاص إجراءً قانونيًا سليمًا من الناحية الشكلية، باعتباره جاء:
1 بعد أن أصبح الحكم باتًا بتنازل المتهم عن الاستئناف،
2 وبعد استشارة وزير العدل، كما يفرضه القانون،
3 وفي إطار صلاحيات رئيس الجمهورية المنصوص عليها بوضوح في مجلة الإجراءات الجزائية والدستور التونسي.
ويؤكد خبراء القانون أنّ العفو الخاص يختلف عن العفو العام الذي يصدر بقانون ويشمل فئات أو جرائم بعينها، بينما يخصّ العفو الخاص شخصًا معينًا وحكمًا قضائيًا بعينه، ويهدف عادةً إلى تحقيق مبدأ الرحمة أو مراعاة ظروف خاصة بالمتهم أو بالمصلحة العامة.
وبناء على ما سبق، فإنّ قرار رئيس الجمهورية يستجيب للشروط القانونية الجوهرية، ويُدرج في إطار ممارسته لحق سيادي يكفله له القانون، خاصة بعد أن أصبح الحكم بالإعدام نهائيًا، ما فتح المجال أمامه لإصدار عفو خاص بالإفراج عن المعني بالأمر.

