يُسجّل الحضور السعودي في المدرسة الحربية العليا ( École supérieure de guerre) بتونس نسقًا تصاعديًا، حيث كان تمثيل الضباط السعوديين بارزًا في دورة 2024، ويُسجّل من جديد بكثافة في دورة 2025.
ويبدو أن الجيش السعودي قد اختار المدرسة التونسية كمركز استراتيجي لتأهيل ضباطه السامين في إطار نهج احترافي يرتكز على التكوين العسكري عالي المستوى.
هذا التوجّه يعكس ثقة متزايدة في النموذج التكويني التونسي، وتعمق التعاون الثنائي بين المملكة العربية السعودية و الجمهورية التونسية في المجال العسكري، خاصة في مجالات التكوين والتدريب وتبادل الخبرات.
فقد شهدت السنوات الأخيرة تناميًا لافتًا لحضور الضباط السعوديين في الدورات العسكرية بتونس، لا سيما في المدرسة الحربية العليا التي أصبحت وجهة مفضّلة لضباط من دول شقيقة وصديقة.

عن المدرسة الحربية العليا بتونس
المدرسة الحربية العليا هي مؤسسة تونسية للتعليم العسكري العالي، تأسست بمقتضى القرار الوزاري عدد 4556/94 المؤرخ في 10 ديسمبر 1994، وفتحت أبوابها لأول مرة في 2 سبتمبر 1996 لتكوين الدورة الأولى. يقع مقرها في قصر حيدر داخل القاعدة العسكرية برطال حيدر.
منذ تأسيسها، تستقبل المدرسة ضباطًا سامين من الجيش التونسي ومن جيوش أجنبية لتكوين يدوم 10 أشهر، من سبتمبر إلى يونيو، حيث يتم تكوينهم في مجالات متقدمة تؤهلهم لتحمّل مسؤوليات قيادية واستراتيجية.
مهام المدرسة
تسهر المدرسة الحربية العليا على إعداد ضباط سامين مؤهلين لـ:
- تخطيط وتسيير العمليات الخاصة بالجيش الوطني التونسي أو العمليات المشتركة بين الجيوش.
- قيادة وحدات عسكرية من مستوى فوج أو ما يعادله.
- الاضطلاع بمسؤوليات على مستوى الأركان أو هياكل وزارة الدفاع.
- تنظيم دورات تدريبية أو إجراء دراسات وبحوث بأمر من وزير الدفاع.
دعم متواصل من وزارة الدفاع
وأشرف وزير الدفاع الوطني خالد السهيلي، يوم 4 جويلية الجاري على حفل تخرّج الدورة 29 للمدرسة الحربية العليا، بحضور أعضاء المجلس الأعلى للجيوش وثلة من سامي الإطارات العسكرية والمدنية.
وفي كلمته، توجه الوزير بالتهنئة إلى خريجي الدورة من الضباط التونسيين ونظرائهم من الدول الشقيقة والصديقة، مشيدًا بالمجهودات المبذولة من الإطار التكويني بالمدرسة. كما شدد على ضرورة تطوير برامج التعليم والتكوين لمواكبة المتغيرات ورفع الجاهزية العملياتية، مؤكدًا التزام الوزارة بجعل المدرسة الحربية العليا قطبًا للتميّز في التكوين العسكري الاستراتيجي على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، في أفق رؤية وزارة الدفاع 2030.
كما ثمّن سعي المدرسة إلى الانفتاح على نظيراتها من المدارس العسكرية الأجنبية، وإلى الاندماج في نظام إدارة الجودة “ISO 21001″، بالإضافة إلى جهودها في مجال الرقمنة وتحديث مناهج التعليم العسكري.
مدرسة بتصوّر إقليمي ودولي
يحظى الضابط الدارس في هذه المدرسة بتكوين علمي وعسكري معمّق يشمل الدراسات الاستراتيجية والجغراسياسية، مما يؤهله لفهم التحولات الإقليمية والدولية والمشاركة في اتخاذ القرار، وهو ما يجعل من المدرسة الحربية العليا منصة لتخريج نخبة من القادة العسكريين القادرين على قيادة التغيير وتحمل المسؤولية في البيئات المعقدة.
ويشير تزايد عدد الضباط السعوديين إلى وجود استراتيجية تعاون عسكرية واضحة بين الرياض وتونس، تقوم على تبادل التجارب والخبرات وتوحيد الرؤى في التكوين العسكري. وجميع هؤلاء الضباط السامين السعوديين المتخرجين من تونس مدعوون لتولي مناصب قيادية داخل الجيش السعودي، مما لا يمكن إلا أن يعزز التعاون العسكري بين البلدين، ويضفي عليه طابعًا عمليًا واستراتيجيًا طويل المدى.

