يدخل مجلس إدارة البنك المركزي التونسي شهره الرابع دون عقد اجتماعه الدوري المخصّص لاتخاذ القرارات المتعلّقة بالسياسة النقدية، في وضع غير مسبوق تقول مصادر مهنية إنها لا تتذكّر حصوله في أي مؤسسة مماثلة حول العالم.
فآخر اجتماع رسمي عقده المجلس كان في نهاية شهر جويلية 2025، وفي وقت سابق أكدت مصادر خاصة لموقع Tunisie Telegraph أن السبب الرئيسي وراء هذا التعطيل يعود إلى غياب النصاب القانوني، بعد بقاء ثلاثة مقاعد شاغرة دون تعويض إلى اليوم.
وتشمل هذه الشغورات — وفق نفس المصادر — ممثّل الجامعيين، وممثّل القطاع البنكي، وممثّل هيئة السوق المالية، وهي مناصب أساسية تُعدّ ضرورية لاستكمال تركيبة المجلس وتمكينه من اتخاذ قراراته طبقًا للقانون.
ويُلزم النظام الداخلي للبنك المركزي بعقد اجتماع لمجلس الإدارة مرة كل شهرين على أقصى تقدير. غير أن هذا التأخير، الذي تجاوز الآن ثلاثة أشهر، ليس سابقة مطلقة، إذ سبق للمؤسسة أن شهدت فترات تعطيل مماثلة خلال السنوات الماضية.
ووفق المعلومات نفسها، فقد راسلت إدارة البنك المركزي الجهات المعنية منذ أسابيع لدعوتها إلى سدّ الشغورات وتمكين المجلس من استئناف عمله، غير أنها لم تتلقَّ أي رد رسمي إلى حدّ الآن.
ووصف خبراء في المجال المالي هذا التعطّل بـ”السابقة الخطيرة في تاريخ البنك المركزي التونسي”، معتبراً أنّ المؤسسة المكلفة بضمان الاستقرار النقدي ومصداقية الدولة المالية أصبحت “مشلولة” لأسباب إدارية وسياسية بحتة.
وأشار التقرير إلى أنّ عدم انعقاد مجلس الإدارة منذ 30 جويلية يعني عمليًا تجميد القرارات الكبرى المتعلقة بسعر الفائدة، وسعر الصرف، والسياسة النقدية بشكل عام، وذلك في ظرف اقتصادي دقيق يتّسم بارتفاع التضخم، وتراجع احتياطي العملة الأجنبية، وصعوبات متزايدة في تمويل الميزانية.
رسائل سلبية للأسواق الدولية
ويحذّر مراقبون من أنّ استمرار الشغورات داخل مؤسسة سيادية بحجم البنك المركزي يوجّه رسائل سلبية إلى الشركاء الماليين الدوليين ووكالات التصنيف الائتماني، في وقت تعمل فيه تونس على استعادة ثقة المستثمرين.
ويرى هؤلاء أن تواصل التعطيل وتجاهل التعيينات يعكس ضعف التنسيق بين السلط التنفيذية وغياب الحوكمة الرشيدة في إدارة الملفات الاقتصادية الاستراتيجية.

