أثار عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية الأسبق، جدلاً واسعًا إثر تصريحاته خلال لقاء حزبي نظمه الحزب بمدينة أكادير، حيث دعا فيه الفتيات صراحة إلى “التخلي عن التعليم والتوجه نحو الزواج”، واصفًا الدراسة بأنها “لا تنفع شيئًا إن فات قطار الزواج”.
وقال بنكيران في كلمته: “من هاد المنبر كنقول للبنات سيرو تزوجو، راه ما غادي تنفعكم لا قرايا لا والو… ما تبقاوش تقولو حتى نقراو، حتى نخدموا، ما كاين قرايا”، مضيفًا أن الزواج هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار، وأن من تفوته هذه الفرصة “غتبقا بوحدها بحال بلارج”.
هذه التصريحات، التي اعتُبرت اختزالًا لدور المرأة في مؤسسة الزواج وإنكارًا لأهمية التعليم في بناء استقلالية الفتاة، قوبلت برفض واسع من قبل منظمات حقوقية ونسائية.
واعتبرت نجية تزروت، رئيسة شبكة الرابطة “إنجاد” ضد عنف النوع، أن تصريحات بنكيران “مرفوضة ومستنكرة بشدة”، مشيرة إلى أنها “تشجع الأسر على تزويج الفتيات مبكرًا، بدل دعمهن في مواصلة التعليم وتحقيق ذواتهن”، مؤكدة أن ما قاله يعكس “رؤية رجعية تمس كرامة المرأة وتتعارض مع الدستور المغربي والعدالة الاجتماعية”.
من جانبها، وصفت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابطة حقوق النساء، هذه التصريحات بـ”الخطيرة”، خصوصًا وأن مصدرها “شخصية سياسية ذات تأثير كبير، خاصة في الأوساط المحافظة والمناطق القروية”، مضيفة أن بنكيران “يمرر رسائل مغلوطة تشرعن تزويج القاصرات وتُقلل من شأن التمكين العلمي والاقتصادي للفتيات”.
واعتبرت موحيا أن “من المؤسف أن تصدر مثل هذه التصريحات من رئيس حكومة سابق، كان يفترض فيه أن يدافع عن الدستور الذي ينص على المساواة ومحاربة التمييز بين الجنسين”، محذّرة من “إعادة إنتاج الصور النمطية التي تسجن النساء في أدوار اجتماعية تقليدية وتنتقص من حقهن في اختيار مسار حياتهن بحرية”.
وطالبت المنظمات النسائية السلطات والمؤسسات الرسمية بـ”تحمل مسؤوليتها في التصدي لخطاب التمييز والتبعية”، داعية إلى الدفاع عن مكتسبات الحركة النسائية وتعزيز مكانة الفتيات في منظومة التعليم والتمكين الذاتي.
تصريحات بنكيران فتحت بابًا واسعًا للنقاش في المغرب حول العلاقة بين التعليم والزواج، وجدوى الخطاب السياسي المحافظ في ظل دستور ينص على المساواة بين الجنسين، ويؤكد التزام المملكة بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليًا.
