الرئيسيةآخر الأخبارإيقاف امرأة بالملاسين بتهمة حرق قطط ... ماذا يقول علم النفس

إيقاف امرأة بالملاسين بتهمة حرق قطط … ماذا يقول علم النفس

أثارت حادثة إقدام امرأة على حرق قطط صغيرة بعد سكب البنزين عليها في حي الملاسين، ثم القبض عليها في حالة تلبّس بالباردو، صدمة واسعة في تونس.

ليست هذه المرة الأولى التي توثَّق فيها ممارساتها، بل هي مكرّرة، ما جعل الكثيرين يتساءلون: ما الذي يدفع إنساناً إلى ارتكاب مثل هذه الأفعال البشعة؟

المشهد الذي تناقلته شبكات التواصل الاجتماعي بدا صادماً حتى لأكثر العقول برودة. لكن خلف هذا الفعل، يطرح الخبراء تساؤلات عميقة:

  • هل يتعلق الأمر باضطراب نفسي شديد يجعل صاحبه يتلذذ بتعذيب الكائنات الضعيفة؟
  • أم أن الأمر انعكاس لواقع اجتماعي مأزوم، حيث تتحول الكائنات الأليفة إلى ضحية مباشرة للعنف الكامن داخل الإنسان؟

علم النفس الجنائي يربط مثل هذه الحالات بما يُعرف بـ السلوك السادي المرضي، حيث يجد الفرد في تعذيب الحيوان متنفساً لغضب أو فراغ داخلي. وتاريخياً، وُجدت علاقة وثيقة بين قسوة الأفراد على الحيوانات وميلهم لاحقاً إلى العنف ضد البشر.

ثغرات في القانون

الحادثة أعادت الجدل حول ضعف الترسانة القانونية في تونس لحماية الحيوانات. فالقانون الحالي ما زال يكتفي بعقوبات مالية أو أحكام قصيرة بالسجن، في وقت تُسنّ فيه في دول أخرى عقوبات صارمة تصل إلى سنوات من السجن.

  • قضية الكلب “روكي” الذي توفي بعد تعرّضه لاعتداء وحشي، وانتهت بعقوبة لم تتجاوز ثلاثة أشهر، مثال صارخ على هذا الضعف القانوني.
  • الجمعيات المدافعة عن الحيوانات، وعلى رأسها جمعية “الرحمة”، دعت إلى تشديد العقوبات وتحديث التشريعات بما ينسجم مع المعايير الدولية.

والملفت في هذه الحوادث أنّها لم تعد تمرّ مرور الكرام. شبكات التواصل الاجتماعي جعلت من صور الحيوانات المعنّفة شرارة غضب جماعي، عبّر عنه آلاف التونسيين الذين طالبوا بعقوبات رادعة وبإصلاح تشريعي عاجل.

هذا التحوّل يشير إلى أن المجتمع التونسي بدأ ينظر إلى حقوق الحيوان كجزء من منظومة القيم الإنسانية، لا كترف أو قضية هامشية.

دلالات أعمق

قضية المرأة التي كررت فعلها في الملاسين ليست مجرد خبر جريمة. هي مرآة لمجتمع يرزح تحت ضغوط اقتصادية واجتماعية ونفسية، حيث يتحول العنف الكامن أحياناً إلى سلوك متطرّف ضد أضعف الكائنات. وهي أيضاً إنذار بأن معالجة مثل هذه الظواهر لا تكون فقط عبر العقاب، بل أيضاً عبر:

  • الطب النفسي: للتأكد من الوضع العقلي للمعتدين على الحيوانات.
  • التربية والتثقيف: لترسيخ ثقافة الرحمة والتعايش مع الكائنات الحية في المدارس والفضاءات العامة.
  • القانون الرادع: لردع كل من يحاول تحويل العنف إلى “سلوك عادي”.

قراءة من منظور علم النفس

أدبيات علم النفس، وخاصة الدراسات حول السلوك العنيف، تشير إلى أن إيذاء الحيوانات ليس فعلاً معزولاً، بل يُعتبر أحد “المؤشرات المبكرة” لاضطرابات شخصية خطيرة مثل اضطراب السلوك (Conduct Disorder) أو الاعتلال النفسي – السيكوباتية (Psychopathy).

  • الأبحاث تؤكد أن الأفراد الذين يمارسون العنف ضد الحيوانات في طفولتهم أو شبابهم أكثر عرضة لممارسة العنف لاحقاً ضد البشر.
  • كما أن السلوك السادي تجاه الحيوانات يُفسَّر في بعض الحالات كمحاولة للسيطرة على كائن ضعيف، تعويضاً عن شعور بالعجز أو الإقصاء الاجتماعي.

من هذا المنظور، لا يمكن التعامل مع هذه الحوادث فقط كقضية جزائية، بل كإشارة مقلقة تستدعي تقييماً نفسياً جدياً، حتى لا تتحول إلى بداية لمسار أكثر خطورة على المجتمع.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!