نظّم قسم الدراسات والبحوث التابع لدائرة الشؤون العلمية والثقافية في مجمع أهل البيت (ع)، بالتعاون مع معهد البرامج التعليمية والبحثية القصيرة بجامعة المصطفى (ص) ووكالة أنباء أهل البيت (ABNA)، يوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025، ندوة علمية بعنوان «التعرّف على أوضاع الشيعة في تونس»، وذلك في قاعة أهل البيت بمدينة قم الإيرانية، ضمن سلسلة ندوات تهدف إلى التعريف بأوضاع الشيعة في مختلف بلدان العالم.
وحسب وكالة أنباء أهل البيت شارك في الندوة كلّ من الدكتور منهجي، مؤلف دراسة بحثية حول التشيّع في تونس، مقدّماً الورقة الرئيسية، والدكتور عرب أحمدي، أستاذ مشارك في كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران، الذي تولّى مناقشة البحث، فيما أدار الجلسة الدكتور صفا، المدير العام لمكتب الدراسات والبحوث في مجمع أهل البيت .
وأوضح الدكتور منهجي في مداخلته أن كتابه استند إلى بحوث ميدانية ومصادر عربية وغربية، مشيراً إلى أن مدينة القيروان، التي أسسها عقبة بن نافع سنة 50 هـ / 670 م، كانت مركزاً دينياً وثقافياً بارزاً في شمال إفريقيا، وتضمّ اليوم الحسينية الوحيدة الرسمية في تونس، وهي حسينية رسول الأعظم (ص).
وقسّم الباحث تاريخ التشيّع في تونس إلى ثلاث مراحل:
- مرحلة النشأة بقدوم مبعوثين من الإمام الصادق (ع).
- مرحلة الغياب من القرن الحادي عشر إلى القرن العشرين، حيث اختفت المظاهر الشيعية.
- المرحلة الحديثة التي بدأت بعد ثورة 14 جانفي 2011.
وأشار منهجي إلى أن الحقبة الاستعمارية الفرنسية وفترة حكم بورقيبة ركزتا على مفهوم الوحدة الوطنية على حساب التنوّع الديني، مما جعل الممارسات الشيعية شبه غائبة، حتى بدأت تظهر مجدداً بعد الثورة الإسلامية في إيران.
وخلال الثمانينات والتسعينات، برزت حالات التحول إلى المذهب الشيعي بتأثير عاطفي وفكري من خلال كتب الإمام الخميني والشهيد مطهري ومؤلفات مثل «المراجعات».
كما لفت إلى أن عدد الشيعة في تونس غير معروف بدقة بسبب تحفظ كثير منهم عن الإعلان عن انتمائهم الديني، لكنهم ينتشرون خصوصاً في العاصمة وفي مدينة قابس التي يصفها بعض الباحثين بـ*«قمّ تونس»*.
وأضاف أن حزباً سياسياً يحمل اسم «حزب الله التونسي» كان يمثلهم سابقاً، قبل أن يتحوّل إلى «حزب الأمة» الذي يمتلك مقعدين في البرلمان. كما أشار إلى أن أبرز الشخصيات الشيعية في تونس لا تقتصر على الشيخ التيجاني السماوي (مؤلف ثم اهتديت)، بل تشمل أيضاً صلاح الدين المصري، رئيس الجمعية التونسية للتسامح.
وأكد أن الثورة التونسية عام 2011 سمحت بتوسّع نسبي للمراكز التعليمية والثقافية الشيعية، رغم التحديات التي تواجههم مثل التهميش الاقتصادي والتمييز الاجتماعي والقيود الدينية، مشدداً على أن الشيعة في تونس «ليسوا معزولين تماماً ولا غير فاعلين».
من جهته، أثنى الدكتور عرب أحمدي على العمل البحثي للدكتور منهجي، واعتبره «شاملاً وغنياً بالمعلومات التاريخية والتحليلية»، رغم ما لاحظه من حاجة بعض الجوانب إلى مزيد من التعمق.
وفي ختام الجلسة، دعا الدكتور صفا إلى وضع إطار استراتيجي موحد لدراسة أوضاع الشيعة في العالم، مع اعتماد رصد علمي ومنهجي مستمر لتطوراتهم الدينية والاجتماعية في مختلف البلدان.

