تتصاعد في الأوساط الثقافية والإعلامية موجة من الغضب والاستفهام، بعد نشر موقع “نواة” تحقيقًا وصف بـ”الخطير”، مدعومًا بالأدلة والوثائق والشهادات، كشف عن شبهات تضارب مصالح وتلاعب محتمل في صفقات عمومية، تشير فيها أصابع الاتهام مباشرة إلى وزيرة الثقافة الحالية.
التحقيق يوضح أن الوزيرة كانت على علم بشبهات تتعلق بعدم احترام الإجراءات القانونية في عدد من الصفقات العمومية، لكنها آثرت الصمت، ما يُعد خرقًا واضحًا لواجب الإبلاغ والشفافية. الأخطر، أن المعطيات تشير إلى ضلوع مباشر للوزيرة في محاباة فرقتها الموسيقية الخاصة “العازفات”، التي تم اختيارها لتمثيل تونس في معرض “أوساكا 2025” دون أي مناظرة أو دعوة مفتوحة للمشاركة، ما يمثل حالة تضارب مصالح صارخة.
في سياق متصل، أثار الفنان عزالدين الباجي هو الآخر حالةً موثقة من تضارب المصالح، حيث أكّد أن الوزيرة عيّنت فرقتها الموسيقية الخاصة دون اعتماد أي مسار شفاف أو دعوة للترشّحات، معتبرًا أن ذلك يمثل توظيفًا للمرفق العام لخدمة مصالح شخصية على حساب مبدأ الإنصاف في المجال الفني.
وفي تدوينة له شدّد الباجي على أن «هذا النوع من الممارسات يصطدم مباشرة بأخلاقيات العمل العام»، مضيفًا بتحذير واضح:«ما دامت القوانين لا تتحرّك، ستظلّ التجاوزات قاعدةً لا استثناء».
التحقيق أشار أيضًا إلى مشاركة نجل الوزيرة، عازف البيانو، في دورتين متتاليتين من مهرجان قرطاج الدولي لهذه السنة، حيث اعتلى الركح في عرض “تخيّل”، ويُنتظر أن يظهر من جديد في عرض La Nuit des Chefs. مصادر مطلعة أكدت أنّ إدراجه في البرمجة جاء دون المرور عبر قنوات تقييم فنية مستقلة، ما يعزز شبهات استغلال المنصب للترويج العائلي في الفضاء العام الثقافي.
في ظل هذه المعطيات، تتزايد الدعوات إلى فتح تحقيق رقابي وإداري عاجل، خاصّة وأن الملف لا يتعلّق فقط بخروقات أخلاقية، بل يُحتمل أن يرقى إلى مخالفات قانونية صريحة. جهات من المجتمع المدني وشخصيات فنية أكدت أن ما يحصل يمثّل “عودة خطيرة لتقنيات الولاء والمحاباة داخل وزارة الثقافة”، في تعارض تام مع مبادئ الشفافية والعدالة الثقافية.

