الرئيسيةآخر الأخبارحرية تعبير أم تشهير؟ حالة الكوبل في قرطاج تكشف تجاوزات إعلامية جديدة

حرية تعبير أم تشهير؟ حالة الكوبل في قرطاج تكشف تجاوزات إعلامية جديدة

أثار مقطع فيديو نشرته صفحة قناة “تونسنا” على منصات التواصل الاجتماعي جدلًا واسعًا، بعدما ظهر فيه ثنائي تونسي (رجل وزوجته) يستمتعان بحفل غنائي في مهرجان قرطاج، في لحظة وصفتها عدة تعليقات بأنها “عفوية ورومانسية”.

غير أن ما أعقب ذلك من سلسلة تعليقات عدائية وتنمّر واسع، مع حذف متكرر للتعليقات الإيجابية من قبل إدارة الصفحة، طرح تساؤلات قانونية جدية حول ممارسات وسائل الإعلام الرقمية في تونس، وحدود حرية التعبير.

حسب ما ورد في تدوينة شاركتها ناشطة على فيسبوك، فإنها حاولت كتابة تعليق إيجابي لدعم الثنائي، لكن إدارة الصفحة قامت بحذفه في ظرف دقيقة.

كما تم حذف تعليقات مماثلة كتبتها مستخدمات أخريات، بينما بقيت مئات التعليقات الساخرة والمسيئة على حالها دون تدخل.

وقالت صاحبة التدوينة:”فهمت وقتها أنّ الأدمين متع الصفحة هو شخص مؤدلج ومريض يحب يفرض توجه معين على الناس… ينشر الفيديو ليخلّيهم عبرة”.

— حرية تعبير أم تشهير؟ حالة الكوبل في قرطاج تكشف تجاوزات إعلامية جديدة

في رد فعل على الحادثة، كتب المدون المعروف محرز بلحسن منشورًا غاضبًا قال فيه:”يا جماعة يهديكم، مانا قلناها قبل، ما عادش تخليو هالنوعية من الشلايك يخدمو بيكم ويخدّمو بيكم صفحاتهم القذرة… المواطن إلي يلقى وسيلة إعلام مهبّطتلو تصاورو أو فيديوات له في أي حفل كان من غير إذنه يمشي يشكي بيهم… صورتك راهي ملكك، ولما تبدأ تشطح ولا شايخ ولا خارج تسهر هذاكة راهو حقك وجزء من خصوصيتك، وحتى جربوع ما عندو الحق يهبّط تصاورك لجمهور الجرابع والمرضى… اشكيو بيهم وهزوهم للمحاكم “

— حرية تعبير أم تشهير؟ حالة الكوبل في قرطاج تكشف تجاوزات إعلامية جديدة

ماذا يقول القانون

  • طالما تم تصوير الثنائي في فضاء عمومي مفتوح (مهرجان قرطاج)، لا يُعدّ النشر في حد ذاته مخالفًا للقانون، بشرط عدم وجود نية تشهير أو انتهاك للكرامة.
  • لكن إذا ثبت أن النشر تم بهدف إثارة الجدل أو تحويل الأشخاص إلى “محل سخرية عمومية”، فإن هذا يُعد خرقًا محتملًا لمقتضيات:
    • المرسوم عدد 115 لسنة 2011 المتعلق بحرية الصحافة، الذي يمنع كل ما من شأنه المس بكرامة الأفراد.
    • وقانون حماية المعطيات الشخصية (2004) الذي يحمي الأشخاص من استخدام صورهم بطرق تضر بسمعتهم أو تعرضهم لمخاطر اجتماعية.
  • يجرّم الفصل 86 من المجلة الجزائية كل من يتعمد “الإساءة إلى الغير أو إزعاجه عبر الشبكات العمومية للاتصالات”، ويُعاقب بالسجن من عام إلى عامين وغرامة تصل إلى ألف دينار.
  • كما يمكن أن تُطبق مقتضيات القانون الأساسي عدد 50 لسنة 2018 المتعلق بمناهضة التمييز العنصري، في حال وُجدت تعليقات ذات طابع تحقيري أو تمييزي أو عنصري.
  • إذا ثبت أن مسؤولي الصفحة حذفوا منهجيًا التعليقات الإيجابية واحتفظوا بالمسيئة، فقد يعتبر ذلك مشاركة غير مباشرة في التشهير أو تحيّزًا مضرًا بحقوق الأفراد.
  • هذا يُمكن أن يُحمّل المؤسسة مسؤولية مدنية، وربما جزائية، خاصة إذا تطور الوضع إلى ضرر نفسي أو اجتماعي جدي للمتضررين.

وفق القانون التونسي، للمتضررين الحق في:

  • رفع دعوى قضائية ضد المعلقين المسيئين بتهم التشهير، القذف، والإساءة الإلكترونية.
  • مطالبة إدارة الصفحة بحذف الفيديو والتعليقات المسيئة، وتقديم تظلم رسمي لدى مجلس الصحافة أو الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية.
  • التوجه إلى الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهايكا) اصبح غير ممكن لأسباب يطول شرحها .

ما حصل مع هذا “الكوبل” في قرطاج ليس مجرد حادث عرضي، بل نموذج صارخ عن تحول الفضاء الرقمي إلى ساحة مفتوحة للتنمر الجماعي، أحيانًا برعاية صامتة من بعض المؤسسات الإعلامية.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!