الرئيسيةآخر الأخبارنواب يطالبون بتعليق الدين العمومي الداخلي والخارجي:ماذا يقول القانون الدولي

نواب يطالبون بتعليق الدين العمومي الداخلي والخارجي:ماذا يقول القانون الدولي

قدّم 15 نائبا من البرلمان، بقيادة النائب أحمد سعيداني، مقترحًا تشريعيًا يقضي بإضافة فصل جديد إلى مشروع قانون المالية لسنة 2026، ينص على تعليق خلاص الدين العمومي الداخلي والخارجي لمدة خمس سنوات، بما في ذلك الديون قصيرة الأجل.

ويتضمن المقترح توجيه كل الاعتمادات المرصودة لخدمة الدين نحو إحداث “الصندوق السيادي الشعبي”، الذي سيتولى تنفيذ التوجهات العامة للتنمية الاستراتيجية، واسترجاع الامتيازات والثروات الطبيعية المستغلة “بصفة غير متكافئة”، إضافة إلى إعادة توجيهها للمصلحة الوطنية.

ويقترح النواب أن يتم تمويل الصندوق من تحويل مبالغ خدمة الدين المرصودة في الميزانية، إضافة إلى موارد أخرى على غرار العائدات الناتجة عن استرجاع الامتيازات أو تطوير استغلال الثروات الطبيعية.

وحسب نص المقترح، ستخصص موارد الصندوق حصريًا لتعزيز السيادة الغذائية والطاقة، وتطوير الصناعات التحويلية، مع إمكانية إحداث بنك عمومي للتنمية السيادية يمول المشاريع الاستثمارية الكبرى.

تعليق سداد الدين بين السيادة الوطنية ومقتضيات القانون الدولي

يمثل المقترح الذي تقدم به عدد من النواب بإيقاف سداد الدين العمومي لمدة خمس سنوات، نقطة تحول كبرى في النقاش الاقتصادي والمالي في تونس، ويعيد فتح ملف العلاقة بين السيادة الاقتصادية من جهة والتزامات الدولة تجاه الدائنين الدوليين من جهة أخرى.

فمن حيث المبدأ، لا يتضمن القانون الدولي نصًا صريحًا يمنع دولة من تعليق سداد ديونها، لكنه لا يوفر لها حماية تلقائية عند اتخاذ هذا القرار بشكل أحادي. ويُعدّ التعليق غير المتفاوض عليه مع الدائنين بمثابة تخلّف عن السداد (Default)، ما يفتح الباب أمام تداعيات مالية وقانونية، تشمل:

  • انخفاض الترقيم السيادي
  • تعطّل اللجوء إلى الأسواق المالية الدولية
  • إمكانية لجوء بعض الدائنين إلى التقاضي في محاكم نيويورك أو لندن
  • صعوبات في تمويل الواردات الحيوية، خاصة في ظل نظام مالي عالمي يربط النفاذ بالأسواق بمدى احترام الالتزامات المالية.

مع ذلك، اعترفت لجنة القانون الدولي بمبدأ الضرورة (State of Necessity)، الذي يسمح مؤقتًا بتعليق الالتزامات إذا كان السداد سيهدد استقرار المجتمع أو يعرّض المواطنين لأضرار جسيمة. وقد سبق لدول مثل الأرجنتين وسريلانكا وزامبيا أن لجأت إلى هذا المخرج القانوني في فترات أزمات خطيرة.

في السياق التونسي، يطرح المقترح النيابي فكرة توجيه موارد خدمة الدين إلى الصندوق السيادي الشعبي، الذي سيستثمر في مجالات حيوية مثل السيادة الغذائية والطاقة وتطوير الصناعات التحويلية، بل ويمنح نفسه إمكانية إنشاء بنك للتنمية السيادية.
هذا التوجه ينسجم مع خطاب سياسي يعتبر أن الموارد الوطنية يجب أن تُعاد هيكلتها لصالح الاستثمار المنتج بدلًا من توجيهها إلى خدمة الدين.

لكن على الجانب الآخر، يشير خبراء القانون الدولي والمالية إلى أن نجاح مثل هذا الخيار يستوجب:

  1. التفاوض مع نادي باريس والدائنين الخواص لتجنب الدخول في حالة تخلف رسمي.
  2. تأمين مصادر تمويل بديلة لتغطية الحاجيات الأساسية خلال فترة التعليق.
  3. توضيح الإطار القانوني للصندوق السيادي وآليات حوكمته.
  4. تقييم المخاطر على التجارة الخارجية، خاصة في ظل هشاشة الميزان التجاري وارتفاع فاتورة الطاقة والغذاء.

هكذا يفتح المقترح الباب أمام نقاش واسع بين خيارين متناقضين:
خيار يعتبر أن تعليق الديون خطوة لاستعادة السيادة الاقتصادية وبناء نموذج تنموي جديد، وخيار آخر يرى أن ذلك قد يضع تونس في مواجهة النظام المالي العالمي ويعرّضها لتبعات يصعب التحكم فيها.

ويوم أمس قالت وزيرة المالية مشكاة سلامة الخالدي، في إجابتها على استفسارات النوّاب، خلال الجلسة العامة التي انعقدت إن ميزانية الدولة تتضمن موارد ونفقات، ويقدر الفرق بينهما بـ 11 ألف مليون دينار سيتمّ تمويله من قبل البنك المركزي التونسي في إطار التعويل على الذات


واعتبرت الوزيرة، أن اللجوء للبنك المركزي لا يعدّ اقتراضا، بل هو تسهيل وتيسير للعمل الحكومي لكي يترجم البعد الاجتماعي الذي ينبغي أن تلعبه الدولة، لا سيما فيما يتعلق بتسوية كل الوضعيات الشغليّة والإدماج والقطع مع آليات التشغيل الهشة.


وأوضحت الوزيرة أن اللجوء إلى الاقتراض الخارجي ليس مستبعدا، بل يبقى خيارا مطروحا في حال توفّرت شروطه الأساسية على غرار الاقتراض للاستثمار والتنمية في الجهات وخلق الثروة.


وأفادت وزيرة المالية أنّ القرض الذي سيمنحه البنك المركزي للحكومة سيتم استعماله أساسا في خلاص الديون الخارجية وتمويل الإستثمارات العمومية.


كما أكدت أن التحدي لسنة 2026 يكمن في توجيه الاعتمادات للاستثمار العمومي الذي ارتفع بنسبة 12.4 بالمائة مقارنة بسنة 2025، ويمثل إجماليّ هذه النفقات 6.4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، كما ستوجّه المشاريع لتطوير الخدمات العمومية في كلّ من قطاع الصحة، والتربية، والنقل، والفلاحة. وستشمل النفقات جزءا من المشاريع المقترحة ضمن مخطط التنمية التي رسمته المجالس المحلية، حيث وقع الاختيار على 583 مشروع بكلفة تقدّر بأكثر من 900 مليون دينار.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!