أثارت أستاذة القانون العام هناء بن عبدة جدلاً واسعاً اليوم بعد نشرها تدوينة مطولة تناولت فيها وضعية المرأة التونسية بعد الطلاق، وانتقدت ما اعتبرته استمراراً لعدم المساواة القانونية والاجتماعية.
وأوضحت بن عبدة أن المطلقة في تونس لا تحصل على نفقة شخصية، بل تُمنح النفقة للحاضنة للأطفال، وتسقط هذه النفقة بمجرد بلوغ الأبناء سن الرشد، بما في ذلك منحة السكن. وأضافت أن الجراية العمرية ليست نفقة، بل هي تعويض على الطلاق الأحادي، تُدفع شهرياً بدلاً من مبلغ واحد كبير، وغالباً ما تكون قيمتها محدودة.
وأكدت أن الرجل يدفع النفقة لأنه الأب وهو مجبر على الإنفاق على أبنائه وزوجته طالما كان قادراً، معتبرة أن النظام الديني يرفض أي نقاش حول المساواة. ولفتت إلى أن المرأة التونسية تعمل وتساهم في بناء وتحسين بيت أسرتها وبيت والدها، وتساند أهلها وأبناءها وزوجها، ومع ذلك لا تجد التقدير الكافي.
كما أشارت إلى أن المرأة التونسية مازالت تتعرض للعنف المادي واللفظي والنفسي من أقرب الناس إليها، وأن القوانين المتعلقة بحمايتها مازالت تُطبق بشكل ناقص، وسط استمرار الأحكام المسبقة بحقها.
وفي تشخيصها لأسباب فشل الزواج في تونس، اعتبرت بن عبدة أن المجتمع لم يستوعب بعد أن وضعية المرأة قد تغيرت، وأنه من غير المنطقي مطالبتها بتحمل مسؤوليات سنة 2025 مع منحها حقوقاً تعود إلى سنة 1492. وانتقدت أيضاً المقولة المتداولة بأن “الإسلام كرّم المرأة”، معتبرة أنها مرتبطة بسياق تاريخي قديم لا ينطبق على أوضاع اليوم، وأن النظرة الفقهية السائدة لا تمنح المرأة تكريماً حقيقياً.
وأضافت أن من يريد أن تتحمل المرأة مسؤولية الإنفاق على نفسها وأبنائها وعائلتها، عليه التخلي نهائياً عن مفهوم القوامة وكل الأحكام الفقهية التي تبرر عدم المساواة. واعتبرت أن المرأة يجب أن تُعامل كإنسانة مستقلة تستحق الاحترام والتقدير بعيداً عن دورها العائلي، سواء كانت أماً أو أختاً أو زوجة.
وختمت بن عبدة بالقول إن “الرجل الحقيقي هو الذي يحترم المرأة ويؤمن بأنها مثله تماماً، لها نفس الإيجابيات والسلبيات والتطلعات والكرامة، ولا يتمتع عليها بأي أفضلية”، داعية إلى استحضار إرث رواد الإصلاح مثل الطاهر الحداد والحبيب بورقيبة، وكل من ناضل من أجل مجتمع لا تُقهر فيه المرأة.
