عاد ملف الأطباء الصينيين في تونس إلى الواجهة مجددًا، بعد أن لوّح وزير الشؤون الاجتماعية خلال لقائه يوم الاثنين بعدد من ممثلي جمعية الأطباء الشبان، بإمكانية الاستعانة بأطباء صينيين لتعويض الشغورات في المؤسسات الاستشفائية، على خلفية التحركات الاحتجاجية والإضرابات المتواصلة في صفوف الأطباء الشبان.
تصريحات الوزير أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط الصحية والنقابية وحتى الشعبية، حيث رأى فيها البعض نوعًا من الضغط على الكفاءات التونسية، فيما تساءل آخرون عن جدوى مثل هذا الخيار وعن قدرة الأطباء الصينيين على التواصل مع المرضى التونسيين، لا سيما في ظل الحاجز اللغوي والثقافي.
حضور قديم… يعود إلى نصف قرن
رغم المفاجأة التي خلّفتها تصريحات الوزير، فإن وجود أطباء صينيين في تونس ليس أمرًا جديدًا. بل هو يعود إلى سنة 1973، عندما أُرسلت أول بعثة طبية صينية إلى تونس في إطار اتفاق تعاون صحي ثنائي بين الحكومتين. ومنذ ذلك الحين، توالت الوفود الطبية الصينية التي قدمت خدماتها في عدة مستشفيات تونسية، خاصة في المناطق الداخلية.
ووفق بيانات رسمية صينية، فقد شارك في هذه البعثات أكثر من 1000 طبيب صيني، قدّموا أكثر من 5 ملايين استشارة طبية وأجروا مئات الآلاف من العمليات الجراحية على مدى عقود.
كما تخصص البعض منهم في العلاج بالإبر الصينية، مما جعلهم يحظون بثقة عدد من المرضى، خصوصًا في مجالات الطب البديل.
وفي ديسمبر الماضي ديسمبر 2024: أشرف وزير الصحة على حفل توديع الفريق الطبي الصيني الـ28 بمناسبة انتهاء مهمته التي استمرت عامًا كاملًا، بحضور المستشار الاقتصادي للسفارة الصينية.
تم تكريم أعضاء البعثة بمنحهم شهادات شكر وتقدير تقديرًا لمساهمتهم في تعزيز النظام الصحي التونسي، خاصة في مستشفى المنجي سليم بالمرسى وعدد من المناطق الداخلية مثل جندوبة، سيدي بوزيد، وقفصة.
وأكد وزير الصحة على أهمية التعاون مع جمهورية الصين الشعبية التي تعد شريكًا استراتيجيًا لتونس في تعزيز القطاع الصحي، مشيدًا بالدعم المستمر للصين في توفير طب الاختصاص وتقليص الفوارق الجهوية.
كما دعا الوزير إلى تعزيز الشراكة مع الصين، خاصة في مجالات طب الأعشاب، صناعة الأدوية بالأعشاب، وعلاج الأمراض السرطانية، بالإضافة إلى استمرار دعم البعثات الطبية الصينية للمناطق الداخلية بأطباء الاختصاص.
هذا التعاون يعكس التزام البلدين بتطوير القطاع الصحي وتحقيق رعاية طبية أفضل لكل المواطنين.
السؤال الذي طرحه العديد من المتابعين: بأية لغة يمكن أن يتحدث الطبيب الصيني مع المريض التونسي؟
في الواقع، تعلّم عدد من الأطباء الصينيين العاملين في تونس اللغة الفرنسية وبعض العبارات الأساسية بالدارجة التونسية، خاصة أولئك الذين قضوا سنوات في البلاد. كما تعتمد الفرق الطبية عادة على مترجمين مرافقين أو أطباء محليين مشرفين عند الحاجة. لكن هذا الحل يبقى محدودًا وغير كافٍ في جميع الحالات، خاصة في الاستعجالي أو عند التعامل مع مرضى من فئات اجتماعية مختلفة.

