في زيارة فجئية مساء الخميس، حضر رئيس الجمهورية قيس سعيد إلى مقر اعتصام الدكاترة المعطلين عن العمل أمام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، حيث قدم وعدًا بإنتداب جميع الدكاترة في مجالات التدريس والإدارة والمخابر، مع إمكانية تكليف العشرات منهم بمناصب سياسية، بحسب تصريحات ممثلي المعتصمين لـ”ديوان أف أم”.
وأعلن المعتصمون، بقيادة بوجمعة حاجي وحمدة كوكي، فك الاعتصام بعد هذه الزيارة، مؤكدين أن تعليق الاعتصام جاء بعد وعد الرئيس بـ”إيجاد حل جذري” وإنتدابهم بصفة دائمة في الوظيفة العمومية مع العلم وان عددهم يبلغ 7 الاف حامل للدكتوراه ..
التساؤل المركزي: هل الوعد قابل للتنفيذ؟
هذا السؤال طرحه الأستاذ نافع العريبي في تدوينة له مساء اليوم : هل يمكن تحقيق هذا الوعد دون مواجهة عقبات كبيرة،
1. محور الوعود السياسية
رأس السلطة عادة ما يطلق وعودًا بلا رزنامة زمنية أو تفاصيل تقنية. عندما يُعلن الرئيس عن “تشغيل جميع الدكاترة في المناصب العليا”، لكن من دون خطة عملية واضحة. التجربة السابقة تظهر أن الالتزام السياسي غالبًا ما يسبق التفكير في التطبيق، وقد لا يُترجم إلى نتائج ملموسة.
2. المحور الإداري الوظيفي والمسيرة المهنية
المناصب العليا في تونس تشمل مدير عام، رئيس ديوان، كاتب عام… إلخ، وهي محدودة العدد وتشغلها كوادر ذات خبرة 20 إلى 30 سنة. قانونيًا، لا يمكن إعفاء هؤلاء بشكل مفاجئ لإحلال دكاترة معطلين دون مسار قانوني واضح وأسباب جدية، مثل الأخطاء الفادحة.
3. المحور المالي
الدولة تواجه صعوبات في ميزانية الأجور، وإدماج آلاف الدكاترة في مناصب عليا يعني زيادات كبيرة في كتلة الأجور، وهو ما يطرح تحديات على الميزانية الحالية والمستقبلية. وإذا كان المقصود إنشاء مناصب جديدة فهذا قد يؤدي إلى تضخم بيروقراطي، أما إحلال الدكاترة محل كوادر خبرة قد يضر بالاستمرارية الإدارية.
وفي جوان الماضي طالب منسق مجموعة “صوت الدكاترة الباحثين”، حمدة كوكة، بضرورة ادماج الدكاترة الباحثين والمعطلين عن العمل في سلك التدريس بالجامعات ومراكز البحث العلمي، مشيرا الى أن المجموعة ترفض توظيف الدكاترة في الإدارات العمومية أو في وظائف بعيدة عن مجال التخصص أو في مجالات لا تمت بصلة لقدراتهم الفكرية والذهنية.
جاء ذلك، خلال ندوة صحفية عقدتها تنسيقية الدكاترة الباحثين، يوم 15 جوان 2025 بمقر النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين لعرض موقفها من ملف الدكاترة الباحثين.
ودعا كوكة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى الكشف عن العدد الحقيقي للشغورات في مختلف الجامعات التونسية وفي مختلف التخصصات العلمية، مؤكدا أن الوزارة كانت قد وعدت أن تكون احصائيات الشغورات جاهزة في تاريخ أقصاه 21 مارس 2025 ولم تلتزم بالموعد المحدد.
وطالب الوزارة بعرض البيانات التفصيلية للمنصة الالكترونية للوزارة وإيضاح معايير التسجيل للدكاترة والفرص المتاحة وفق كل اختصاص، معتبرا أن مطالب الدكاترة الباحثين هي مطالب مشروعة ترتكز على وعود رئاسية تدعوا الى ايجاد حل في أقرب الاجال.
وأكد رفض المجموعة بشكل مطلق المشاركة في المناظرة التي تنوي وزارة التعليم العالي اجراؤها باعتبارها الالية الوحيدة لانتداب الدكاترة، قائلا “ان المناظرة هي اجراء مجحف لا يراعي سنوات الجهد والتحصيل العلمي التي بذلها الدكاترة”
وأضاف أن المجموعة تعبر عن توجسها من المعايير التي تنوي الوزارة وضعها والتي لا تخدم حسب المؤشرات الأولية هدف ادماج الكفاءات الحقيقية القادرة على النهوض بالتعليم العالي والبحث العلمي والاقتصاد في البلاد، على حد قوله.
وأشار الى أن المناظرات كانت دائما عنوانا للفساد في الدورات السابقة، والتنسيقية تملك الوثائق القطعية على أوجه الفساد في التلاعب بالنتائج في السابق، مؤكدا بأن الدكاترة الباحثين هم خيرة العقول التونسية المستنيرة وهم عماد البناء الحقيقي للدولة، ومن غير المقبول تهميشهم أو اقصاءهم من سوق الشغل في مجال تخصصهم.
و بين أن توظيف الدكاترة في مجال بعيد عن تخصصهم ، سيكون خطأ جسيما ، حيث لن ينفع الدكتور الباحث بلاده في اختصاصات إدارية بعيدة عن مجال بحثه ودراسته التي تتجاوز 20 سنة

