جهود تونس لتعزيز السيادة الوطنية الإنتاجية تتعرّض للضعف بسبب نظام ضريبي متناقض، إلى جانب إدارة بيروقراطية معقدة وعدم استقرار تنظيمي.
هذا المزيج من العوامل يُهدّد بشكل فعّال بروز صناعة محلية تنافسية، لا سيما في قطاع السيارات.
وأبرز اجتماع مشترك حديث للجنتي المالية والميزانية التناقض الأساسي في السياسة الصناعية التونسية: فعلى الرغم من أن الحكومة تهدف إلى تعزيز الإنتاج المحلي، فإن الإطار الضريبي الحالي يفضّل استيراد السيارات على تلك المُجمّعة أو المصنعة محليًا.
وكشف ممثلون عن الصناعة أن السيارات المنتجة محليًا تخضع لكل من الرسوم الجمركية والضرائب الاستهلاكية على مكوناتها، بينما تُعفى السيارات المستوردة عبر الوكالات من الرسوم الجمركية بالكامل، وتُحتسب عليها فقط الضرائب الاستهلاكية على سعر دخول الميناء.
هذا الوضع يضع المصنّعين المحليين في موقف غير متكافئ داخل سوق صغير يعاني بالفعل من التضخم. وطالب قادة الصناعة بإصلاح ضريبي فوري، محددين مطالبهم في:
- إعفاء كامل من الرسوم الجمركية وضريبة الاستهلاك على مكونات السيارات المخصصة للإنتاج المحلي.
- خفض معدل الضريبة على القيمة المضافة إلى 7٪.
ولمدة تقارب العقد، حذّر المصنعون من أن استمرار هذا النظام الضريبي — المصمّم لتعزيز الإيرادات قصيرة الأمد — يعيق تطوير قطاع مستدام وتنافسي.
ويُعتبر الهيكل الضريبي الحالي تناقضًا صارخًا يتعارض مباشرة مع الطموح الرسمي لتونس في زيادة معدل التكامل الصناعي وجذب المستثمرين الأجانب. وقد اعترف المسؤولون المنتخبون بذلك خلال اجتماع 14 نوفمبر 2025، مؤكدين أن:«تعزيز الاستقلال الوطني يتطلب دعم الصناعة التونسية».
ومع ذلك، تتناقض هذه التصريحات مع الواقع الاقتصادي: حجم الإنتاج وقدرة التوظيف لا يزالان راكدين، والإيرادات تحت ضغط، ومعدل التكامل الصناعي منخفض. والمعادلة الاقتصادية البسيطة لقطاع مكونات السيارات الواعد هي أن الإنتاج في تونس أكثر تكلفة من الاستيراد، على الرغم من وجود قوة عاملة تنافسية وموقع جغرافي استراتيجي.
ويحذّر المعنيون بالصناعة من أنه دون إصلاح ضريبي عاجل ومتناسق، فإن قطاع السيارات التونسي مهدّد بالتحوّل إلى التجميع أو المقاولات الفرعية منخفضة القيمة المضافة. ويزداد هذا الخطر بفعل نجاح دول مجاورة، لا سيما المغرب، في توطيد سلاسل القيمة الكاملة بما يشمل المكونات، التجميع، البحث والتطوير، والصادرات الكبيرة إلى أوروبا. كما أن غياب الاستقرار التنظيمي والبيروقراطية المرهقة في تونس يزيدان من المخاطر على مستقبل الصناعة المحلية.

