انتشرت خلال الأيام الأخيرة إشاعة مشاركة المغني اللبناني فضل شاكر في الدورة 60 لمهرجان قرطاج الدولي، ما أثار جدلًا واسعًا في تونس والعالم العربي، قبل أن يتبيّن لاحقًا أن اسمه غير موجود في البرمجة الرسمية.
الإشاعة، رغم نفيها الواقعي، فجّرت موجة استنكار شعبي كشفت رفضًا عميقًا لفكرة تبييض صورة فنية مرتبطة بقضايا إرهاب وقتل ومحاكمات غيابية.
الخلفاوي: فضل شاكر.. والحق في النسيان!
الردّ الأبرز والأكثر تداولًا جاء من الصحفي التونسي المعروف مختار الخلفاوي، الذي نشر تدوينة بعنوان:“فضل شاكر.. والحق في النسيان!”
وجاء في نصّها:“حتى لا نخلع الأبواب المفتوحة، المغني اللبناني فضل شاكر هو محل تتبعات قضائية في لبنان، ومحكوم غيابيا بما يفوق عشرين سنة سجنا في قضايا إرهابية مع مجموعة ‘الأسير’ التابعة لتنظيم القاعدة، وهو متهم بالمشاركة في قتل أفراد من الجيش اللبناني والمساهمة في تمويل عمليات إرهابية.”
وأضاف الخلفاوي أن فضل شاكر لا يزال حتى اليوم فارًا من العدالة اللبنانية، ومحميا في مخيم عين الحلوة، في وقت تعمل فيه “ماكينة إعلامية وسياسية واتصالية” منذ 2020 في لبنان والخليج وسوريا، لتسهيل عودته الفنية و”إفلاته من العقاب”، عبر بوابة “التوبة” و”العودة إلى الفن”.
ويخلص إلى القول:“الحق في النسيان من حقوق الإنسان، لكن على قاعدة المحاسبة وواجب الذاكرة والاعتراف.”
ورغم أن إدارة مهرجان قرطاج لم توجه أي دعوة لفضل شاكر، ولم يرد اسمه ضمن البرمجة الرسمية، فإن مجرّد تداول الإشاعة كان كافيًا لإطلاق موجة غضب، عبّر فيها تونسيون وعرب عن رفضهم لأي محاولة لتطبيع فني مع شخصية لا تزال تلاحقها تهم ثقيلة من المحاكم اللبنانية.
وانتشرت تعليقات مندّدة بما اعتبره كثيرون “إقحاماً لرموز مثيرة للانقسام في ساحات فنية رمزية”، مثل قرطاج، الذي يُعدّ من أعرق المهرجانات الثقافية في العالم العربي.
لم تصدر إدارة مهرجان قرطاج توضيحًا رسميًا بشأن الإشاعة، واكتفت بنشر القائمة الرسمية للضيوف والفنانين، والتي خلت تمامًا من اسم فضل شاكر، واضعة حدًا للجدل، من الناحية الإجرائية.
لكن القضية تجاوزت البُعد الإخباري، لتطرح مجددًا أسئلة عميقة حول:
- هل يمكن للفن أن يُحوّل صفحة الإرهاب إلى “كليب رومانسي”؟
- وهل يحق للذاكرة الجماعية أن ترفض “الحق في النسيان” حين يُختزل في مصلحة فرد، لا في مصلحة المجتمع؟
خاتمة:
لم يُدعَ فضل شاكر إلى قرطاج، لكن مجرد ذكر اسمه فجّر نقاشًا ضروريًا.
وفي عالم تتسارع فيه محاولات “إعادة التدوير الرمزي”، تبقى كلمات الخلفاوي واضحة:
لا نسيان بلا محاسبة، ولا فن بلا ذاكرة.

