الرئيسيةآخر الأخبارالمهندس رافع نصيب يطرح حلا جذريا لمعضلة التلوث الصناعي في قابس

المهندس رافع نصيب يطرح حلا جذريا لمعضلة التلوث الصناعي في قابس

كتب المدير السابق للإنتاج بشركة فسفاط قفصة، المهندس رافع نصيب، تدوينة مطوّلة اعتبر فيها أن ملف التلوث الصناعي في قابس لم يعد مجرّد قضية بيئية، بل تحوّل إلى معضلة هندسية واقتصادية واجتماعية تستوجب قرارات حاسمة مبنية على تحليل علمي ومعمق، بعيداً عن الحلول الظرفية وردود الفعل الآنية.

وأوضح نصيب، الذي راكم خبرة طويلة في قطاع الفسفاط والأسمدة الكيميائية، أن الحل الجذري يتطلب استراتيجية مزدوجة وواقعية تقوم على التثمين الدائري للنفايات الصناعية من جهة، ونقل الوحدات الملوثة إلى مواقع جديدة مجهّزة من جهة ثانية، مع التوقف عن المماطلة في معالجة الأزمة.

أشار نصيب إلى أن تصريف نحو 14 ألف طن يومياً من مادة الفوسفوجبس في خليج قابس يمثّل، حسب تعبيره، “فشلاً إدارياً ومهنياً فادحاً”، لأن هذه الكميات الضخمة تحتوي على معادن ثقيلة مثل الكادميوم وعناصر مشعة تُهدد بانهيار بيئي شامل وتمسّ بسمعة القطاع التونسي في الأسواق الدولية.

ولفت إلى أن الاقتصاد الدائري هو المخرج المنطقي والمجدي، داعياً إلى استلهام التجربة المغربية التي تمكنت من تثمين ما بين 80 و90% من إنتاجها من الفوسفوجبس عبر استعماله في مواد البناء وتهيئة الطرق، ما حوّل النفايات إلى مادة أولية ذات قيمة اقتصادية.

وأكد المهندس ضرورة الإبقاء على وحدات إنتاج ثنائي فوسفات الأمونيوم (DAP) في قابس بعد تحديثها وتطهيرها، باعتبارها ضرورية للحفاظ على القدرة الإنتاجية ومواطن الشغل والجدوى الاقتصادية لميناء قابس الذي يحتضن منشآت خزن الأمونياك والبنية التحتية الخاصة بالتصدير. وفي ما يتعلق بالحل الهندسي المقترح، شدد نصيب على أن القرار “المهني الحاسم” يتمثل في فصل الوحدات الصناعية الملوثة عن التجمعات السكنية، من خلال نقل مصانع إنتاج حمض الفوسفوريك – وهي المصدر الرئيسي للفوسفوجبس – إلى موقع جديد مجهّز بالكامل مثل منطقة الصخيرة.

وبيّن أن التكلفة الشاملة لهذا المشروع، بما في ذلك بناء المنشآت الجديدة وتطوير الميناء والبنية التحتية البحرية الخاصة بتوريد المواد الأولية وتصدير المنتجات النهائية، تقدّر بنحو 4 مليارات دولار أمريكي، مضيفاً أن هذا المبلغ يجب اعتباره استثماراً استراتيجياً ضرورياً لضمان استدامة تشغيل القطاع إلى غاية 2030 وما بعدها، وليس مجرد نفقات ظرفية. وحذّر نصيب من أن استمرار الوضع الحالي يمثل قراراً انتحارياً على المستويين البيئي والاجتماعي، معتبراً أن القطاع الفسفاطي التونسي لن يستعيد مكانته الدولية ما لم يتم حل معضلة الفوسفوجبس جذرياً، مشيراً إلى أن ذلك ينسحب كذلك على الوضع البيئي بالحوض المنجمي.

وختم المهندس تدوينته بالتأكيد على أن الحل الواقعي الوحيد يتمثل في نقل الوحدات الملوثة (بتكلفة 4 مليارات دولار) مع الإبقاء على وحدات إنتاج DAP بعد تحديثها، إلى جانب التزام كامل بسياسة التثمين الدائري، قائلاً إن “هذا هو المسار الوحيد لإنقاذ قابس وضمان استدامة قطاع الفوسفات التونسي”.

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

مواضيع أخرى

error: Content is protected !!